وتقلوننا فحذف الثانية عن الإعراب، وهي لغة حجازية. ومثله:
قد رفع الفخ فماذا تحذري
يريد تحذرين، وعلى هذا قول الآخر:
إلى من بالحنين تشوقيني
وهذا يؤيد مذهب سيبويه في تجويزه للشاعر حذف حركة الإعراب عند الضرورة.
[وقال الطرماح بن حكيم الطائي]
لقد زادني حباً لنفسي أنني ... بغيضٌ إلى كل امرئٍ غير طائل
قوله " أنني بغيض " في موضع الفاعل، والمعنى: زادني بغاضتي إلى كل رجلٍ لا فضل فيه ولا خير عنده، حباً لنفسي، لأن التمايز بيني وبينه والتباين، هو الذي أداه إلى بغضي، ولو كان بيننا تشاكلٌ وتقارب لما نبا عني ولا أبغضني. وهذا الكلام تعريضٌ بمنابذٍ له. وقوله " غير طائل " هو من طال عليهم يطول طولاً. والطول: الفضل. وقال الخليل: يقال للشيء الدون الخسيس: هذا غير طائل، والمذكر والمؤنث فيه سواء. ويقال: زدت فضلاً كما يقال ازددت فضلاً وزادنيه كذا.
وأني شقيٌ باللئام ولا ترى ... شقياً بهم إلا كريم الشمائل
قوله " وإني شقيٌ " أصله أنني، لكنه حذف النون الأولى من أن تخفيفاً لأنه اجتمع ثلاث نونات. وهو محمول في الإعراب على أنني في البيت الأول ومعطوف عليه، فيقول: وزادني حباً لنفسي أيضاً شقوتي باللئام حتى تنقصوني واغتابوني، ثم قطع الإخبار وكأنه أقبل على مخاطبٍ ملتفتاً إليه فقال: ولا ترى أحداً يشقى بهم إلا وهو كريم الطبائع، مجانب لهم بعرضه وأصله، وخلقه وفعله. ويقال شقيت شقوةً