يقول: إن السنة الكاملة إذا اتصل الالتقاء بيننا فيها، أستقصرها وأحرص على الاستزادة منها، التذاذاً بها وبعدا من الملال لها، وإن اليوم الواحد إذا حيل بيني وبينك فيه استطيله تقالياً له، وتفادياً منه، وكراهية لامتداده والناس يقولون لي: إن الشهر لا يجلب عليك ضرراً، فقلت لصاحبي: فمتى يضير إذاً؟ استبعاداً للأجل المضروب. ويروى: لصاحبي فمن يضير، والمعنى: إذا لم يضرني الفطم عما لم أرتو منه فمن فمن المضرور إذاً.
[وقال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة]
شققت القلب ثم ذررت فيه ... هواك فليم فالتام الفطور
تغلغل حيث لم يبلغ شراب ... ولا حزن ولم يبلغ سرور
يصف استحكام أمر الهوى وشدة تسلطه على قلبه وتمكنه من عقله، فيقول: شققت قلبي، وجعلت هواك ذروراً فيه، فرسخ في جوانبه بعد أن دب في مسامه وموالجه، ثم جمعت فتوقه حتى التأمت شقوقه، فتوصل الهوىمنه إلى حيث أعجز كل سرور وحزن. والمعنى أن الهوى ملك مجامع قلبي فأحمي منه ما كان محرماً على غيره. وقوله ليم أصله الهمز فأبدل من همزته ياء وانكسر اللام لها. والتغلغل: التوصل على مقاساة تعب وشدة. ولا يقال لمن توصل والمذهب سهل: تغلغل. ويقال: ذر الشيء، إذا فرقه؛ وذر الحب في الأرض. وقوله التام الفطور، أراد الفطور منه، فحذف تخفبفاً، لأن المراد معلوم. والفطر: الشق، ومنه تفطر الورق.