للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اللفظة الموضوعة لشيئين، فإذا كان كذلك فأيهما أوليته من العشي والضحى فقد وقع إلى جنب ما يطابقه ويوافقه. فإن قيل: لو سلم لك ما نقوله وتدعيه من الاستعارة لما سلم الكلام المتنازع من أنه جاء على غير حده؛ وذاك أن الظل يكون في الضحى حقيقة علىالمجاز. قلت: إن الظل فيما حكاه الخليل ضد الضح، ويقال: أفاء الظل وتفيأ. وفي القرآن: " يتفيأ ظلاله عن اليمين والشمائل "، فهو ظل قبل التفيؤ وبعده، وإنما نسخة للشمس هو الذي صار به فيئاً، وإذا كان كذلك لم يكن من باب ما يكون حقيقة في شيء، ومجازاً في آخر. وهذا بين. وقوله والمياه حميم فالواو فيه للابتداء، وهو واو الحال.

وقوله لو كنت أملك منع مائل جواب لو هو قوله لم يذق. وهذا الكلام فيه إظهار الضنانة بالماء المذكور، واستمراره في الحسد إلى كل حد معلوم بسببه، حتى كان بزعمه يمنع اللئام مدة حياته، ويعني به أربابه فيما أظنه، لأنهم أعداؤه. والقلات: جمع القلت، وهي حفرة في الجبل يستنقع فيها ماء المطر.

[وقال ابن الدمينة]

وقد كتب بها إلى أمامه:

وأنت التي كلفتني دلج السرى ... وجون القطا بالجلهين جثوم

وأنت التي قطعت قلبي حزازة ... وقرفت قرح القلب وهو كليم

وأنت التي أحفظت قومي فكلهم ... بعيد الرضا داني الصدود كظيم

قوله دلج السرى، فالسرى: سير الليل، والدلج: السير في بعض الليل. ويقال: سار دلجة، أي ساعة من أول، فلذلك أضاف الدلج إلى السرى، فجرى مجرى إضافة البعض إلى الكل. والشاعر يعدد عليها ما ناله حالاً بعد حال من ضروب المشقات والمتالف فيها، فيقول: تجملت فيك كل عظيمة وبلية، فأنت التي

<<  <   >  >>