للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولنا قناةٌ من ردينة صدقةٌ ... زوراء حاملها كذلك أزور

قوله: " من ردينة " أي من رماح ردينة، وهي امرأةٌ كانت تبيع الرماح؛ فحذف المضاف. والصدقة: الصلبة، والعرب تذكر القناة وصلابتها واعوجاجها، وأنها لا تلين ولا تقبل التقويم والتثقيف، ضاربةً بها المثل في الخلاف والإباء، والامتناع والتعسر على من يريد إكراههم، والتصعب على من يريد تليينهم أو الغض منهم. والمعنى: قناتنا لا تستقيم لمقومٍ، وحاملها لا ينقاد لمجتذبٍ. وعلى هذا قول عمرو بن كلثوم:

عشوزنةٌ إذا عمزت أرنت ... تشج قفا المقوم والجبينا

وقول الآخر:

كانت قناتي لا تيلين لغامزٍ ... فألانها الإصباح والإمساء

وهذا الشاعر لم يرض بذكر القناة وما جرت به العادة من وصف اعوجاجها، حتى عقبه بقوله " حاملها كذلك أزور "، فزاد على من تقدم كما ترى، وإنما أراد التأكيد والمبالغة وتبيين قوة الامتناع على من يطلب اقتسارهم. وهذا كما يصفون المتكبر بالشوس والصعر والصيد. وقوله: " حاملها كذلك " من صفة القناة، وارتفع حاملها بالابتداء، وقد أخبر عنه بخبرين: كذلك، وأزور. وقوله " كذلك " إذا وقع هذا الموقع لا يغير، بل يكون للمذكر والمؤنث على حال واحدة. وأنشد أبو زيد:

أما أقاتل عن ديني على فرسٍ ... ولا كذا رجلاً إلا بأصحابي

والمعنى ولا كما أنا الساعة راجلاً.

[وقال عروة بن الورد]

قلت لقومٍ في الكنيف تروحوا ... عشية بتنا عند ماوان رزح

تقدير البيت: قلت لقوم رزحٍ عشية بتنا عند ماوان في الكنيف: تروحوا. والمعنى بعثتهم على السير في الرواح، وإن كانوا متساقطي القوى كالين، لا حرك

<<  <   >  >>