فلو قبل مبكاها بكيت صبابةً ... بلبني شفيت النفس قبل التندم
ولكن بكت قبلي فهاج لي البكا ... بكاها فقلت الفضل للمتقدم
وقوله " لما سبقتني بالبكاء الحمائم " اشتمل على جواب اليمين، وعلى جواب لو.
[وقال الشماطيط الغطفاني]
أرار الله مخك في السلامي ... إلى من بالحنين تشوقينا
فإني مثل ما تجدين وجدي ... ولكني أسر وتعلنينا
وبي مثل الذي بك غير أني ... أجل عن العقال وتعقلينا
قوله:" أراد الله " يخاطب ناقته ووجدها تحن فقال داعياً عليها: جعل الله مخك ريراً. والرير: الرفيق من المخ. والقصد في الدعاء إلى أن يجعلها الله نضواً مهزولاً، وخص اللامى لأنها والعين آخر ما يبقى فيه المخ عند الهزال. لذلك قال الشاعر:
لايشتكين ألماً ما أنقين ... مادام مخ في السلامي أو عين
وقوله:" إلى من بالحنين تشوقينا "، يجوز أن يكون إنكاراً منه على الناقة في حنينها، ويجوز أن يريد تفخيم شأن المشتاق إليه، كأنه قال: تشوفينني بحنينيك إلى إنسان وأي إنسان، ويكون " من " اسماً نكرةً، ويكون الكلام خبراً، وفي الأول يكون استفهاماً. وإنما أنكر ضجراً بها، لأنه لم يدر أحنينها إلى ولد أو وطن أو صاحب.
وقوله:" فإني مثل ما تجدين " يجوز أن يكون " وجدي " في موضع النصب، على أن يكون بدلاً من المضمر في إني، ويكون مثل في موضع خبر إن، فكأنه قال: إن وجدي مثل ما تجدين، ويجوز أن يكون وجدي في موضع الرفع على الابتداء،