ولما يكن للمشرفية فوقكم ... شعاعٌ كقرن الشمس حين ترجل
قرن الشمس: أول ما ظهر منها. والترجل، قالوا: إذا ارتفعت الضحى وانبسطت الشمس ولم يشتد حرها فذاك الترجل. وقال ابن الأعرابي: الترجل قبل المتوع، والمتوع قبل انتصاف النهار، وأنشد لمزردٍ:
فأصبح كالدهقان لما بدا له ... من الشمس إشراقٌ ولما ترجل
بين بالشرط الثاني غرضه في تعجيزهم، وأن الذي يريدونه من قتله لا يتم أبداً لهم، ولا يدخل تحت مقدورهم.
[وقال حسان بن الجعد]
أبلغ بني حازمٍ أني مفارقهم ... وقائلٌ لجمالي غدوةً بيني
إني امرؤٌ غرضٌ من كل منزلة ... لا شدتي تبتغي فيها ولا ليني
هذا الشاعر خرج إلى عبد الله بن خازم راغبا في جواره والكون في جملته فلم يحمده وانصرف عنه، وقال: ليبلغ هذا الرجل وذووه أني مرتحلٌ ونافضٌ يدي منه، وحامل إبلي على مفارقة أرضه، ومظهرٌ الزهد في صحبته، لأني أجتوي كل منزلةٍ لا تمس حاجتها إلى كوني بها، وأنتوي البعد عن كل جنبةٍ لا تشتد رغبتها في إقامتي فيها، كما أني أضجر بجوار كل من اعتقد الغنى عن رأيي وغنائي، وخشونتي وليني. ويقال: غرضت من كذا، إذا مللته؛ وغرضت إلى كذا، إذا اشتقته. فهو كما يقال رغبت فيه ورغبت عنه.
[وقال القتال الكلابي]
إذا هم هماً لم ير الليل غمةً ... عليه ولم تصعب عليه المراكب
يصفه بالإقدام والتشمير، وحسن النفاذ في الأمور، وأنه متى ما وقع في نفسه أمرٌ فهم به اقتعد الليل ولم يعده حائلاً دون مراده ولا مانعاً عن قصده ومراده، حتى يصير ركوبه غمةً، وما يتصور من هوله شدةً تدفع في الصدر، وتحلئ عن الورد، ولم يشق عليه المراكب، ولا يستكره فيه المصاعب. ويقال: هو في غمةٍ من أمره، أي حيرةٍ وظلمةٍ. وأصل الغم التغطية.