للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله (ألا هلك المكسر) كرره لتفظيع الأمر. ومعنى (استراحت حوافي الخيل) وصفه بأنه يبعد الغزو فلا يبقى على الخيل وان حفيت، فلما مضى نالت الراحة وتودعت. وقال (حوافي الخيل) على أن يصفها بما كان آل أمرها اليه بعد الغزو. وكذلك قوله (الحي الحري) هو المنفرد والمتباعد عن غيره. كأنه لايسلم عليه وان حذر وتباعد. ويقال: كوكب حريد، اذا طلع في أفق السماء متنحياً عن الكواكب. ورجل حريد المحل، اذا لم يخالط الناس ولم ينزل معهم. وقال:

أما بكل كوكب حريد

وقال آخر:

حريد المحل غويا غيورا

[وقال ابن أهبان الفقعسي]

يرثي أخاه:

على مثل همام تشق جيوبها ... وتعلن بالنوح النساء الفواقد

فتى الحي أن تلقاه في الحي أة يرى ... سوى الحي أو ضم الرجال المشاهد

يقول: عظم الرزءبموت همام فلا مخبأ للجزع ولا مصطبر، ولا اسرارللالتياع ولامدخر. وأنى يكون للسامع به معدل الى التجمل والتجلد، وقد فقد به من يستباح في ندبته كل محظور، ويستجاز في الرثاء له كل مذكور، فلا منع من شق الجيوب، وصدع الأكباد والقلوب، واعلان النياحة، وامتداد المآتم في الاعوال الى كل غاية. وقوله (على مثل همام) يذكر المثل والمقصود نفسه لاغير صيانة له ونزاهة. على ذلك قول القائل: مثلك لايحسن به كذا معناه: أنت لايحسن به ذلك؛ ولكن الغرض ما ذكرته، وقوله (بالنوح) يراد به مصدر ناح. وقد يراد به في غير هذا المكان النساء النائحات.

وقوله (فتى الحي أن تلقاه) جعل له الفتوة والرياسة مسلمة له في كل حال، وعلى كل وجه. ألا ترى أنه قال: هو الفتى بين رجال الحي وعند لقائك اياه فيهم.

<<  <   >  >>