يريد: ما في ترك وروده عار، فحذف المضاف. ويجوز أن يريد لو سألته ألا يقذى عيني، كما تقول: سألت فلاناً ضرب فلان، أي استوهبته صربه لم يطلبني. ويجوز أن يريد من لو سألته تافهاً لا خطر له ولا اعتداد به، فضرب المثل بالقذى، والمعنى: لو سألته ما يقذي العين.
وقوله " من لو رأى نفسي " عطفه على من لو سألته، يريد: ولو رأى دمي يسيل لقال لقسوة قلبه علي: أراك صحيحاً لاداء بك ولا آفة، وقلبه جليد، أي يرق لي ولا يرحمني، والمراد على هذا بالقلب قلب المرأة، ويكون الواو في " والفؤاد " واو الحال، ويجوز أن يكون من تمام الحكاية ومن كلام المرأة، والمعنى أنها تقول مع ما ترى من سيلان دمي: أرى نفسك صحيحة، وقلبك ثابتاً ماضياً، لا آفة بك ولا غائلة.
أجدي لاأمسي برمان خالياً ... وغضور إلا قيل أين تريد
كأنه استعطفها وذكرها اشتهاره بها، وتوجه التهم إليه بسببها، حتى ضاق بهذين الموضعين مجاله، وتعسر عليه وإن تفرد فيها إمساؤه.
والرئم: الظبي الخالص البياض. والمحلى لبانه، أي ترائبه. بكرمين، أي بقلادتين. والفريد: الدر. واللبان: الصدر. وقوله " وفريد " إن جعلته معطوفاً على فضة يكون إقواءً، ولك أن ترفعه بالابتداء والخبر محذوف، كأنه قال: وفريد فيهما. ويروى:" كرما فضة وفري "، فينعطف الفريد على " كرما " ويكون الكلام على الاستئناف لا الإبدال، كأنه قال: هما كرما فضة وفريد. وهذا أصح وأجود.
وقوله " أجدى " يريد: أعلى جد منى هذا الأمر، وهو أني لا أمسي منفرداً بنفسي برمان وغضور إلا قيل: أين مرادك. و " أجدى " في موضع المصدر، والفعل العامل فيه محذوف، وذكر الإمساء والمراد الإمساء والإصباح جميعاً، لكنه اكتفى بذكر أحدهما لعلم الناس بأن حاله فيما ذكره يستوي فيه الليل والنهار.
[وقال رجل من بني الحارث]
منىً إن تكن حقاً تكن أحسن المنى ... وإلا فقد عشنا بها زمناً رغدا