أماني من سعدى حساناً كأنما ... سقتك بها سعدى على ظمإ بردا
المنى: جمع منية، وموضعها من الإعراب رفع على أنه خبر مبتدأ محذوف، كأنه قال: هي منىً. فيقول: هذه الخصال التي نعد بها أنفسنا في هذه المرأة وتعدنا بها، لاتخلو من أن تكون صادقةً أو كاذبةً؛ فإما نعيش بذكرها منتظرين لها زمناً ممتداً، وعيشاً واسعاً رافها.
وقوله " أماني من سعدى " نصب بإضمار فعل، كأنه قال: أذكر أماني من سعدى. وكرر لفظ سعدى تلذذاً لاسمها، وقد تقدم القول في أن الأعلام وأسماء الأجناس يفعل بها ذلك. والمعنى أذكر أماني من هذه المرأة جميلةً تزجى أوقاتنا، وكأن موقعها من قلوبنا موقع الماء البارد من ذي الغلة الصادي. وقوله " زمناً رغداً " الرغد: السعة في العيش. ويقال: عيش راغد ورغيد. وانتصاب رغداً على أنه صفة لمصدر محذوف، كأنه قال: عشنا عيشاً رغداً بها زمناً. ولا يمتنع أن يكون صفةً لقوله زمناً، كأنه قال عيشاً واسعاً. وقوله " على ظمإ بردا " يريد ماءً ذا برد.
آخر:
وخبرت سوداء القلوب مريضةً ... فأقبلت من أهلي بمصر أعودها
فوالله ما أدري إذا أنا جئتها ... أأبرئها من دائها أم أزيدها
قوله " خبرت " تتعدى إلى ثلاثة مفاعيل، ومريضةً المفعول الثالث. وقوله " أعودها " في موضع الحال من أقبلت. ويجوز أن يريد بقوله " سوداء القلوب " أنها تحل من القلوب محل السويداء منه، كأن القلوب على اختلافها تميل إليها وتنطوي على حبها. ويجوز أن يكون كان اسمها سوداء وأضافها إلى القلوب، كما قال ابن الدمينة:
قفي يا أميم القلب نقض تحيةً ... ونشكو الهوى ثم افعلي ما بدالك