والبيت الثاني وهو ياليت أن الله إن لم ألاقها، دل به على حسد شديد منه، وقلة رضا بمساعدة القدر في شيء يجرم المشاركة فيه. وقوله ياليت يريد: يا قوم ليت، والمنادى محذوف، والكلام بعده تمن في ألا يحصل الاجتماع بين متحابين إن لم يرزق مثله في صديقه. وقوله ألا تلاقيا أن فيه مخففة من الثقيلة، والمعنى أنه لا نلاقي لنا، فخبر لا محذوف، والجملة في موضع خبر أن، والضمير المقدر ضمير الأمر والشأن، وخبر أن الله قضى وقد حصل في الجملة جواب الشرط، وهو إن لم ألاقها، وخبر ليت.
وقال آخر:
وقفت لليلى بالملا بعد حقبة ... بمنزلة فانهلت العين تدمع
وأتبع ليلى حيث سارت وودعت ... وما الناس إلا آلف ومودع
كأن زماماً في الفؤاد معلقاً ... تقود به حيث استمرت فأتبع
يقول: وقفت من أجل ليلى ومن أجل منازلاً بالملا، بعد زمان ممتد، ودهر متصل، فتجدد لي من الوجد ما هيج لي بكاء، وطرى لي عهوداً فإني أسير هواها، وتبيع البلوى فيها، فقلبي معها حيث ظعنت وأقامت. وقوله ودعت معناه تودعت. ثم قال: وما الناس إلا آلف ومودع يريد: أن الناس من بين آلف لها لكونه مسافراً معها ومرافقاً لها في طريقها، أو منصرف عنها بعد توديعها وتشييعها، وأنا على خلافهم كلهم، لأني ملازمها في كل حال.
وقد كشف عن هذا الغرض بما بينه في قوله:
كأن زماماً في الفؤاد معلقاً ... تقود به حيث استمرت فأتبع
يريد طاعة قبله وانقياده لها. ومثل ودعت ومودع يسمى التجنيس الناقص.
[وقال ورد الجعدي]
خليلي عوجاً بارك الله فيكما ... وإن لم تكن هند لرضكما قصداً