وقد تقدم القول في لفظه طالما وبينت معناه وهجاءه في الكتاب:
[وقال العجير السلولي]
تركنا أبا الأضياف في ليلة الصبا ... بمر ومردى كل خصمٍ يجادله
يروى تركنا أبا الحجناء وهو فيما أظنه كنية المرثي. وجعله أبا الأضياف لتوفره عليهم، ولأن داره كانت مثواهم. وهم يقولون: فلانٌ أبو مثواى، وفي المرأة: أم مثواى، لمن قراهم. وأشار بليلة الصبا إلى ليلةٍ بعينها اتفق فيها على هذا الرجل بمر، وهو موضعٌ، اجتماع الخصوم حوله. والمردى: صخرةٌ يكسر بها النوى؛ هذا أصله، ثم يقال فلانٌ مردى الخصوم، أي يرمون به فيكسرهم. وقوله كل خصم أراد بالخصم الكثرة، كأنه حضره من كل قبيلٍ من مخالفيه مردى لهم يجادله عنهم ويجاذبه. وقوله بمر منعه من الصرف لأنه جعله مؤنثاً معرفة، ولو ذكره لصرفه. والواو من قوله ومردى كل خصم واو الحال. والصبا: ريحٌ تستقبل القبلة؛ والفعل منه صبا يصبو. وأضاف الليلة إلى الصبا تعريفاً وتخصيصاً، كأنه كان للصبا شأنٌ في تلك الليلة.
تركنا فتى قد أيقن الجوع أنه ... إذا ما ثوى في أرحل القوم قاتله
يقول: تركنا في ذلك المكان فتىً كان ربيعاً للفقراء، ومألفاً للأضياف. وإذا اشتد الزمان وأسنت الناس تيقن الجدب والقحط أنه لا يقاره، بل يقتله بما يفيضه على الناس من إحسانه، ويشملهم من تفقده وبره. وقوله قد أيقن الجوع إلى آخر البيت، من صفة الفتى، وفي طريقته قول الآخر: