أنن ترفعه وأن تنصبه، فالنصب على أن يكون أن الناصبة للأفعال، والرفع عل أن تكون أن مخففة من الثقيلة، ويكون اسمه مضمراً، كأنه قال: أنه لا يضيق، والجملى خبره. والعافية: مصدر كالعاقبة، ومثله ما أباليه بالية، وقم قائماً؛ لأنه لا خلاف أن اسم الفاعل يكون اسماً للمصدر وإن اختلفوا في بناء المفعول. وموضع ألا يضيق نصب بكونه بدلاً من قوله عافية. وانتصب خلوا على الحال. وجملة المعنى: أنه لم يفتني إحسان رجل لم يلزمني له شكر إفضال، ولم يجب بفعله بي علي اعتداء.
[قال ابن عبدل الأسدي]
أضحى عراجة قد تعوج دينه ... بعد المشيب تعوج المسمار
وإذا نظرت إلى عراجة خلته ... فرجت قوائمه بأير حمار
أراد أن يظهر أنه يجسر على تشبيهه بالسوءة. وضرب الخنا والفحش مثلاًله في هجوه، فأما المعنى فظاهر، وإنما شبه تعوج دينه على كبرته وسنه بتعوج المسمار في العمل، وقد عجز عما حمل، فإن أكره على النفاذ انكسر؛ وإن طلب نزعه ليجعل أقوى منه بدله تعسر، فكذلك عراجة في اعوجاج دينه والتوائه، لا صرفه وردعه ممكن، ولا احتماله عليه مسوغ.
[وقالت أم عمرو بنت وقدان]
إن أنتم لم تطلبوا بأخيكم ... فذروا السلاح ووحشوا بالأبرق
وخذوا المكاحل والمجاسد والبسوا ... نقب النساء فبئس رهط المرهق
ألهاكم ان تطلبوا بأخيكم ... أكل الخزير ولعق أجرد أمحق
تقول: إن ضيعتم دم أخيكم، وقعدتم عن الانتقام له، لتقصيركم في طلب ثأره، فضعوا السلاح واطرحوه بالأبرق. ويقال: وحش بثوبه وبسيفه، إذا رمى به بعيداً. وفي الحديث:" وحشوا برماحهم "، أي رموا بها. ويجوز أن تريد توحشوا، أي صيروا مع الوحش حياء من فعلكم، وهاجروا الناس وحانبوهم. والعرب تقول: