للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقولا لها ليس الضلال أجارنا ... ولكننا جرنا لنلقاكم عمدا

يخاطب خليلين له متلطفاً لهما، وسائلاً تعويجها على ديار هند وإن لم تكن مسامته لقصدهما، وأن يبلغاها إذا التقيا معها أنا تعمدنا زيارتك طلياص لقضاء ذمامك، وتجديداً للعهد بك، ولم يكن العدول إليك عن ضلال ملك قيادنا، وصرفنا عن وجه رشادنا، ليقع الاعتداد منها بتحرينا وفعلنا.

وقال:

وما في الخلق أشقى من محب ... وإن وجد الهوى حلو المذاق

تراه باكياُ في كل حين ... مخافة فرقة أو لاشتياق

فيبكي إن نأوا شوقاً إليهم ... ويبكي إن دنوا خوف الفراق

فتسخن عينه عند التنائي ... وتسخن عينه عند التلاقي

وفي هذه الأبيات حق القسمة، وأقام شرط المقسوم على حده المألوف من التجربة. فيقول: ليس فمن خلقه الله من البشر أو في شقاء، وأعظم بلاء من المحب، وإن استحلى ذواق الحب واستلان جسه، إذ كنت تجده كل وقت متألماً من حاله، ضجراً بعيشه؛ ذلك أنه لا يخلو من إحدى حالتين: إما أن يكون مجتمعاً مع محبوبه فيخاف الافتراق، أو يكون بعيداً منه فيكده الاشتياق، ولا حالة ثالثة للاجتماع والافتراق، وهو سخين العين في كل منهما، قليل التودع فيعقبهما. وقوله وإن وجد الهوى جواب الشرط منه في قوله ما في الخلق أشقى من محب. وقوله شوقاً إليهم انتصب على أنه مفعول له وكذلك قوله خوف الفراق ومخافة فرقة. ألا ترى أنه عطف عليه أو الاشتياق فجعل حرف الجر فيه اللام.

[وقال ابن الطثرية]

عقيلية أما ملاث إزارها ... فدعص وأما خصرها فبتيل

<<  <   >  >>