للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمراد في الدعاء طلب الذل لهم.

وقوله: لا ولا نعمة لهم، يجوز أن يكون المنفي بلا الأولى حذف لما دل عليه الكلام، فكأنه قال: لأهله التراب لا عز لهم ولا نعمة. ويجوز أن يكون لا رداً لما عرضوا عليه. وهذا كما يقال للإنسان. افعل لفلان كذا وكذا، فيقول: لا ولا كرامة، أي لا أفعل ذلك ولا أكرم من يسومنيه. قوله: لشد إذاً ما قد تعبدني أهلي، تعبده واستعبده بمهنى واحد، أي استذله، ولشد ما، هو كما يقال: لعز ما. والمعنى الإنكار فيما عرض عليه ودعي إليه، وأنهم تجاوزوا كل حد في امتهانه حين عرضوا عليه مثل ذلك. وهذا الكلام مشتمل على الخلاف وقلة الاحتفال. ويجوز أن يجري شد ما، مجرى نعم وبئس.

[وقال أو دهبل الجمحي]

أأترك ليلى ليس بيني وبينها ... سوى ليلة إني إذا لصبور

قوله: أأترك، لفظه الاستفهام والمعنى معنى الإنكار، كأنه أنكر من نفسه أن يترك التعريج على ليلى وبينهما مسيرة ليلة، فقال: أأخل بزيارتها وأداء واجبها مع قرب المسافة بيني وبينها؟ إني إذاً لمتناه في الصبر عن الأحباب، كسول عن البر بذوي الأذمة والأسباب. وإنما قال هذا باعثاً لصحبه على مساعدته، وطالباً منهم تمكينه من من مراده. لذلك قال:

هبوني امرأ منكم أضل بعيره ... له ذمةإن الدمام كبير

وللصاحب المتروك أعظم حرمة ... على صاحب من أن يضل بعير

عفا الله عن ليلى الغداة فإنها ... إذا وليت حكماً على تجور

قوله هبوني، معناه احسبوني واجعلوني، وهو يتعدى إلى مفعولين. وحكى ابن الأعرابي: وهبني الله فداءك بمعنى جعلني فداءك. وقوله أضبل بعيره، يقال

<<  <   >  >>