للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نفسه فيهم. وقوله (بلا أهبة الثاوي المقيم ولاالسفر) يريد: لانأمل البقاء في هذه الدنيا، ولا نأمن الفناء، فلسنا كالثاوي فنتأهب أهبته، ولا كالمسافر فنعد عدته. واراد بالثاوي المقيم الكثرة لا الواحد. وقد تقدم القول في حقيقة العمر.

وقال بعضهم:

لاتعترض في الأمر تكفى شؤونه ... ولاتنصحن إلا لمن هو قابله

ولاتخذل المولى إذا ما ملمه ... ألمت ونازل في الوغى من ينازله

يوصى مخاطبه بأن يعرض عن الأمر الذي لايعنيه، ويترك الاعتراض فيه، والا يتنصح إلا لمن يرجو قبول النصح منه، وبألا يخذل ابن عمه إذا نزلت به نازلة، بل من ينازله، ويناوىء من يناوئه. وهذا على طريقتهم في قولهم: (انص أخاك ظالماً أو مظلوماً) . وأصل الوغى هو الجلبة والصوت. وقوله (في الأمر تكفى شؤونه) يريد تكفى أسبابه وجوانبه. والضمير من (قابله) لما دل عليه قوله لاتنصحن، وهو النصح.

[وقال منظور بن سحيم]

ولست بهاج في القرى أهل منزل ... على زادهم أبكى وأبكى البواكيا

فإما كرام موسرون أتيتهم ... فحسبي من ذي عندهم ما كفانيا

وإما كرام معسرون عذرتهم ... وإما لئام فادكرت حيائيا

يصف نفسه بالتعفف عن المطامع الدنية، والمطامع الذميمة، فيقول: لاأهجو بسبب القرى، وهو ما يقدم إلى الضيف، ولا أشكو أهل دار فأبكي على ما يفوتني من زادهم وأبكي غيري معي. وقوله (أبكي وأبكي البواكيا) لا بكاء ثم، وإنما أراد

<<  <   >  >>