قوله " بذي فرقين " يجوز أن يتعلق بقوله لو رأيت، ويجوز أن يتعلق بقوله تخرق بالقنين، كذلك قوله " يوم بنو حبيبٍ " يجوز أن يكون ظرفاً لكل واحدٍ من الفعلين لأنهما ظرفان: أحدهما للمكان والآخر للزمان. وأضاف اليوم إلى الكلمة التي بعده لأن الأزمنة تضاف إلى الجمل من الابتداء والخبر، والفعل والفاعل، تبييناً لها. ويقال: هو يحرق أنيابه، إذا حك بعضها ببعض تهديداً. ويقال أيضاً: هو يحرق عليه الأرم، ويعلك على الأرم، أي يصرف بأنيابه تغيظاً. وحكى فيه الأزم بالزاء أيضاً. والأزم: العض. ويقال حرقه بالمبرد، إذا برده. وحكى أبو حاتم: فلان يحرق نابه علي، يرفع الناب. قال: لأنه هو الذي يحرق. وبيت زهير يشهد لذلك. وأنشد:
أبي الضيم والنعمان يحرق نابه ... عليه فأفضى والسيوف معاقله
كفاك النأي ممن لم تريه ... ورجيت العواقب للبنينا
كأنه وكلها إلى الاعتبار بعد ما فاتها من مشاهدة الحال، ودعاها إلى الاستدلال، والاكتفاء فيه بما آل إليه أمرها في أعزته مع غيبتهم عنها. فيقول: أغناك بعدك إذا نظرت واعتبرت عن الاستكشاف والسؤال، وإن تلهفت لما تدركيه من مساقطهم، ولم تشار فيه من مصارعهم، وحالك أنك علقت رجاءك بالأولاد، وبأن يحسن الله العقبى لهم إذا بلغوا طلب الأوتار، ورأوا السعي في درك الثار، وقطعت طمعك في الآباء وملكك اليأس منهم. وقوله " ورجيت " قد معه مضمرةٌ، لأن الماضي بتقدير قد معه يقع موقع الحال. وضعف عينه للتكثير، كأنها كانت تكرر الرجاء وتجدده مع كل حادثةٍ، وعند كل مهمة.
وقال أبو ثمامة بن عارمٍ
رددت لضبة أمواهها ... وكادت بلادهم تستلب
يقول: اعتنيت بضبة، فأعنتها على مجاذبها ومنازعها، وحفظت لها وعليها مياهها وبلادها، ومراعيها ومرادها، بعد أن شارفوا التسليم والاستسلام، والملاينة