أراد أنه ملون الجلد. والضاحي: البارز للشمس في الأصل، والمراد به هنا ظاهر الجلد. والتهاويل: ما يعلق من العهون على الإبل، ولا واحد له من لفظه، والقياس تهوالٌ، كما يقال تجفاف وتجافيف. والزخرف: كل ما حسن به شيء، وأصله الذهب. فشبه بارز جلد الحية وظهره ومجمع صفحتي عنقه لاختلاف ألوانها بالتهاويل التي تزخرف بها الإبل.
كأن مثنى نسعةٍ تحت حلقه ... بما قد طوى من جلده المتغضف
إذا نسل الحيات بالصيف لم يزل ... يشاعر باقي جلبةٍ لم تقرف
شبه غضون حلقه لما انطوى من جلده المتكسر لكونه فاضلاً عن لحمه، وذلك لكثرة سمه بنسعةٍ مثنية جعلت تحت حلقه، ويقال: إن الحيات إذا اجتمعت سمومها وكثرت دقت وهزلت، لأن سمها ينقص لحمها، فلذلك يفضل جلدها عن حجمها فيتغضف، أي يثنى، والغضف: انكسارٌ في الأذن.
وقوله " إذا نسل الحيات " يريد أنه بخبثه يقاتل سائر الحيات، سوء خلقٍ منه وعرامةً، فإذا انتشرت الحيات في الصيف لا يزال يمارس ويطاول بواقي جلب منه لم تقشر عنه، لأنه في مقاتلة الحيات يحصل على جروح طول الصيف وتيبس عليه جلبها. وقوله " يشاعر باقي جلبةٍ "، ويروى " يساعر " بالسين، من قولهم كلب سعرٌ، أي كلبٌ. وفي القرآن قوله تعالى:" في ضلال وسعر "، أي جنون. ومنه ناقةٌ مسعورة: لا تستقر قلقاً، ومن قولهم: عنقٌ مسعرٌ أي طويل. وأن تروى " يشاعر " بالشين المعجمة أحسن، تجعله من الشعار الذي هو خلاف الدثار. ويقال: جلب الجرح وأجلب، إذا يبس الدم عليه.
[وقال ملحة الجرمي]
أرقت وطال الليل للبارق الومض ... حبياً سرى مجتاب أرض إلى أرض
نشاوى من الإدلاج كدري مزنه ... يقضي بجدب الأرض ما لم يكد يقضي
تحن بأجواز الفلا قطراته ... كما حن نيبٌ بعضهن إلى بعض