بكر العواذل بالسواد يلمنني ... جهلاً يقلن ألا ترى ما تصنع
أفنيت مالك في السفاه وإنما ... أمره السفاهة ما أمرنك أجمع
يقول: بكر اللوائم في سواد الليل، ولم تصبر إلى وقت الإصباح، حرصاً من نفوسهم على تقريعي وتوبيخي، لجهلهن وضعف رأيهن، وقصور بصائرهن عن معرفة ما لهن وعليهن، يقلن لي مستعظمات لما آتيه، ومستنكرات لما أنفقه وأفرقه: ألا ترى ما تأتي وما تذر. وإنما صلح أن يقول بكرن بالسواد لأن البكور الابتداء في الشيء، ومنه باكورة الربيع، والبكر في النساء.
وهذا كما قال غيره:" ألا بكرت عرسي بليل تلومني " وقوله " أهلكت مالك " هو تفسير ما أبهمه قوله " ألا ترى ما تصنع " والمعنى: صرفت مالك فيما هو سفه وضلال، وغباوة وضياع. ثم قال: وإذا تؤمل الحال فيما يراودنك عليه فالأمر بالسفاهة ما أمر نكه كله. جعل يخاطبنفسه بذلك. ويقال: أمرتك كذا وبكذا. قال الشاعر:" أمرتك الخير فافعل ما أمرت به " فجمع بين الوجهين. وفي القرآن:" فاصدع بما تؤمر ". ويجوز أن يكون معنى أمر السفاهة الأمر الذي تولد عن السفاهة، ويكون الإضافة فيه إضافة المسبب إلى السبب، كأنه جعل السفاهة فيهن ومنهن. وقوله " ما أمرنك " ما مع الفعل في تقدير المصدر، وأجمع توكيد له. والسفاهة والسفاه والسفه: الخفة والطيش. ويقال: زمام سفيه كما يقال زمام عيار. وسفهت الريح الغصن: حركته. وتسفهت الرياح: اضطربت. و " يلمنني " في موضع الحال.
وجهلاً يجوز أن تكون مفعولاً " له "، ويجوز أن تكون في موضع الحال. و " ألا ترى " ما تصنع " في موضع