للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مفعول يقلن. وما من قوله " ما تصنع " يجوز أن يكون بمعنى الذي، وقد حذف المفعول من صلته، يريد تصنعه. ويجوز أن يكون مفعولاً مقدماً لتصنع، والمعنى أي شيء تصنع.

وقتود ناجية وضعت بقفزة ... والطير غاشية العوافي وقع

بمهند ذي حلية جردته ... يبرى الأصم من العظام ويقطع

قوله " وقتود ناجية " انجر بإضمار رب، وجوابه وضعت بقفزة، والواو من قوله والطير واو الحال. فيقول: رب رحل ناقة سريعة وضعته بمكان خال وتركته، لأني عرقبتها، والطير عوافيها تغشاها وتقع عليها. وأكثر ما يجيء المجرور برب يجيء الجواب، وها هنا لم يصفه. وقوله " غاشية العوافي " وجب أن يكون فيه ضمير للناقة، حتى يكون بين ذي الحال وبينه تعلق، فحذف ذلك الضمير لأن المراد مفهوم، ولو أتى به لكان والطير غاشية العوافي إياها وقع عليها. والعوافي: جمع عافية، وهو من قولهم عفاه واعتفاه؛ وقد مر ذكره.

وقوله " بمهند " تعلق الباء منه بقوله وضعت بقفزة، لأنه لم يحط الرحل عن الناجية ولم يضعها " بالقفزة " إلا وقد عرقبها، فكأنه " جعل ": وضعت بقفزة دلالةً على العقر والعرقبة.

وقوله " ذي حلية " يريد أنه كان ملطخاً بالدم، فجعل ذلك الدم كالحلية لها. وقوله " يبرى الأصم من العظام ويقطع " يعني بالأصم ما ليس بأجوف، وذلك أصلب، فإذا برى الأصم فهو للمجوف أبرى.

لتنوب نائبة فتعلم أنني ... ممن يغر على الثناء فيخدع

إني مقسم ما ملكت فجاعل ... أجراً لآخرة ودنيا تنفع

قوله " لتنوب " تعلق اللام بفعل مضمر دل عليه ما تقدم، كأنه قال: فعلت ذلك لكي إذا نابت نائبة علمت أني أنهض فيها، وأطلب الأحدوثة الجميلة في دفعها، وأني أحمل على الغرر، وأخدع عن المال بالثناء والشكر. ثم قال: إني أقسم ما أملكه بين أمرين: مدخر للآخرة، ومنتفع به في الدنيا. وجعل قوله لآخرة ودنيا نكرتين، وقد جاء في غير هذا المكان دنيا في صورة المعرفة،

<<  <   >  >>