جاز أن يقول شعرك ويريد شعري المقول فيك. وروى بعضهم:
ألم تر أن شعري سار عني ... وشعرك حول بيتك ما يسير
وهذا الراوي صرح بالتفسير الثاني.
إذا أبصرتني أعرضت عني ... كأن الشمس من قبلي تدور
في طريقته قول أوس:
إذ يشزرن إلي الطرف عن عرضٍ ... كأن أعينهم من بغضتي عور
يقول: إذا رميتني ببصرك لم يمكنك ملؤه مني بغضاً وعداوة، حتى تعرض عني فعل الناظر إلى الشمس، فكأن الشمس تدور من جهتي. فأما قول الآخر:
نظرٌ يزل مواطئ الأقدام
فهو صفة نظر المهيب المعظم. وفي نظر الناظرين على اختلافهم ما يستدل به على أحوالهم، وسنذكر ما يجيء عنه مبيناً من بعد.
[وقال الأحوص بن محمد]
إني على ما قد علمت محسدٌ ... أنمي على البغضاء والشنآن
علمت بمعنى عرفت، ولهذا اكتفى بمفعولٍ واحدٍ. ومعنى البيت. إني مرموقٌ محسودٌ على ما قد عرفته من أحوالي، زائدٌ كل يومٍ على بغضاء الناس وشنآنهم لي، ويكون قوله " على ما قد علمت "، وقوله " على البغضاء " جميعاً في موضع الحال. والعامل في الأول قوله محسدٌ، وفي الثاني أنمي. ويجوز أن يكون على ما قد علمت من صلة محسدٍ، كما تقول حسدته على كذا. وقال بعض الناس: الشنآن: بغضٌ يختلط به عداوة وسوء خلق، فلهذا جاز الجمع بينه وبين البغضاء. وقال غيره: بل هما بمعنى واحد، واللفظان إذا اختلفا على اتفاق معناهما جاز الجمع بينهما تأكيداً.