وقوله صم إذا خيراً ارتفع صم على أنه خبر مبتدأ محذوف، كأنه قال: هم صم، أي يتصاءمون عما أنسب إليه من الخصال الصالحة. ويقال للمعرض عن الشيء: هو أصم عنه. على ذلك قوله:
أصم عما ساءه سميع
قال: ومتى ذكرت بشر أدركوه وعلموه. ويقال: أذن يأذن أذناً. قال:
بسماع يأذن الشيخ له
ويجوز أن يكون اشتقاقه من الأذن الحاسة. وانتصب جهلاً لأنه مصدر لعلة. ينسبهم إلى أنهم مع الأقارب يستعملون الجهل والحسد عليهم ومعهم، وأنهم جبناء عن الأعداء ضعفاء عجزة إذا طلب كفايتهم، لا يصلحون لدفع مكروه، ولا لجلب محبوب. ثم سوأ عليهم فعلهم فقال بئست الخصلتان جهلهم على أقاربهم، وجبنهم عن أعاديهم. وهذا تأكيد في التعبير، ومبالغة في التقريع.
[وقال منصور بن مسجاح]
ثأرت ركاب العير منهم بهجمة ... صفايا ولا بنيا لمن هو ثائر
من الصهب أثناء وجذعنا كأنها ... عذارى عليها شارة ومعاصر
قوله ركاب العير يروى ركاب القوم. وأراد بالعير السيد، وكان استيق لرئيسهم إبل فارتجع بدلاً منها على ما وصفه. ومعنى ثأرت ركاب العير أي أدركت الثأر فيها منهم بأن أخذت هجمة من الإبل - وهي المائة وما داناها - غزاراً سمينات، والثأثر ليس من حقه أن يبقى، والأصل في الثأئر القاتل، فوضعه موضع الواتر المنتقم. يقال: ثأرت فلاناً وثأرت بفلان، إذا قتلت قاتله. وقوله من الصهب أثناء وجذعنا، هذا تفسير للهجمة، وتفصيل للجملة، يريد: من الإبل الصهب. والصهبة: حمرة يعلوها بياض. وتعلق من بقوله هجمة.