للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على أن المعنى ليت لنا بدلاً من ماء زمزم شربةً. ويقولون: فلانٌ لك من الجار جارٌ، ومن النديم، ومن الأكيل أكيلٌ. ويحتمل أن يكون معناه: أني لكل رجلٍ مجيرٌ ممن يجاوره، أي ممن يدانيه بسوءٍ، والأول أجود وأصوب. والحمولة: جمع حملٍ، ودخلت الهاء فيه توكيداً لتأنيث الجمع. والحمولة: الأبل التي يحمل عليها، وهي فعولةٌ كالقتوبة، والركوبة، ولا يجري على الموصوف، لا يقال دابةٌ حمولة.

[وقال يزيد بن حمان السكوني]

إني حمدت بني شيبان إذ خمدت ... نيران قرمي وفيهم شبت النار

الحمد: الثناء على الرجل بما فيه من الخصال المرتضاة. وبهذا المعنى فارق الشكر، لأن الشكر لا يكون إلا على صنيعة. فيقول: لما رأيت بني شيبان عند إمحال الأرض وإجدابها، وإقتار الناس وإضاقتهم، ويوقدون نار ضيافتهم ويقيمونها، وإن كانت نيران غيرهم خامدة متروكاً إشعالها، أثنيت عليهم، ونشرت فضيلتهم. وقال نيران قومي وإن أراد غيرهم معهم، تفضيلاً لهم على قومه، وإيذاناً بالصدق في مخبره، فبدأ بذكر قومه وذويه. ويروي: نيران قوم، والأول أجود.

ومن تكرمهم في المحل أنهم ... لا يعلم الجار فيهم أنه الجار

حتى يكون عزيزاً من نفوسهم ... أو أن يبين جميعاً وهو مختار

يقول: من تكلفهم الكرم كأنهم لا يرضون في مثل ذلك الوقت بما طبعوا عليه وجبلوا، حتى تكلفوا أكثر منه، أنهم يحلون جارهم من العناية به والاتحاف والإحسان إليه والاصطناع، محلاً يتشكك من بعد في نفسه: هل هو جارهم أم من صميمهم. وعلى هذا يتعلق حتى من قوله حتى يكون عزيزاً بالمعنى الذي دل عليه قوله لا يعلم الجار فيهم أنه الجار، أي يعاملونه بهذه المعاملة إلى أن يكون عزيزاً فيما بين ظهرانيهم، أو يختار مفارقتهم. والمعنى: ذلك له فيهم، ما اعتز بجوارهم، أو مال إلى فراقهم. ويجوز أن يكون قوله من نفوسهم في موضع الحال، وعزيزاً خبر

<<  <   >  >>