مررت على أبيات آل محمد ... فلم أرها أمثالها يوم حلت
فلا يبعد الله الديار وأهلها ... وإن أصبحت منهم برغمي تخلت
الآل عند أصحابنا البصريين والأهل واحد، ويدل على ذلك أن تصغير الآل أهيل، كما أن تصغير الأهل أهيل. وأخبرنا الفراء عن الكسائي أنه قال: سمعت أعرابياً فصيحاً يقول: أهل وأهيل، وآل وأويل، قال أبو العباس ثعلب: فقد صار أصلين لمعنيين، لا كما قال أهل البصرة؛ وحكى أبو عمر الزاهد عن ثعلب أن الأهل القرابة، كان لها تابع أو لم يكن، والآل: القرابة بتابعها. قال: ولهذا أجود الصلوات على النبي صلى الله عليه وسلم وأفضلها: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد: وقد ورد فيه التوقيف. روي أن أمير المؤمنين عليه السلام سأل النبي صلوات الله عليه: كيف الصلاة عليك؟ قال:" قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ".
وقوله فلم أرها أمثالها يوم حلت، يريد أنها قد ظهر عليها من آثار الفجع والمصيبة ما صارت له وحشاً، فحالها في ظهور الجزع عليها ليست كحالها في السرور أيام حلوها. فهو مثل قول الآخر:
بكت دارهم من فقدهم فتهللت ... دموعي فأي الجازعين ألوم
أمستعير يبكي من الهون والبلى ... أم آخر يبكي شجوه ويهيم
وقد سلك محمد بن وهيب مثل هذا في مديحة في المأمون أولها:
طللان طال عليهما الأمد ... درسا فلا علم ولا نضد
لبسا البلى فكأنما وجدا ... بعد الأحبة مثل ما أجد
وسلك أبو تمام هذا المسلك فزاد عليهم كلهم، لأنه قال:
قد أقسم الربع أن البين فاضحه ... أن لم تحل به عفراء عن عفر