وقوله غضوب، يريد غليانها وهزتها، ثم شبه إشرافها بحيزوم النعامة، كما قال الآخر:
نعامة حزباء تقاصر جيدها
وجعلها قد أوقد تحتها النار بحطب جزل أفرد عنها دقاقها وا تهشم من ورقها، والقصد في هذا إلى تعظيم النار الموقدة تحتها لكبرها.
وقوله محضرة أي لا يمنع منها أحد ولا تقنع بما يسترها عن العيون إذا أمحل الزمان، واشتد القحط، وصارت المرأة المرضع قد اعوج خلقتها فجال عليها وشاحها، لانحسار اللحم عنها، وتأثير الهزال فيها. والبريم: خيط يفتل من صوف أبيض وأسود يشد في أحقى الصبيان لتدفع العين به عنها. وثل ما وصف قول الراعي:
إن أقسم قدري وهي بارزة ... إذ كل قدر عروس ذات جلباب
وقوله: إذا المرضع العوجاء جال بريمها ظرف لقوله محضرة، أو لقوله لا يجعل الستر دونها وفيهما جواب إذا. والحجرات: النواحي، واحدتها حجرة، ويقال: قعد حجرة، فيجعل ظرفاً. وإحماش النار: إلهابها. وأحمشت القدر، إذا أشبعت وقود النار تحتها حتى تغلى، ومنه حمش الشر والغضب، إذا اشتد. وقوله بأجواز خشب، جوز كل شيء: وسطه. وإنما أراد الغلاظ من الحطب.
[وقال شريح بن الأحوص]
ومستنبح يبغي المبيت ودونه ... من الليل ظلمة وكسورها
رفعت له ناري فلما اهتدى بها ... زجرت كلابي أن يهر عقورها
فبات وإن أسرى من الليل عقبة ... بليلة صدق غاب عنها شرورها