أصد بأيدي العيس عن قصد أهلها ... وقلبي إليها بالمودة قاصد
شبه النار في حمرتها وتصاعدها بسحر العود. والسحر: الرئة وما تعلق بالحلقوم. ويقال لمن نزت به البطنة: انتفخ سحره؛ كما يقال: عدا طوره. وأكثر ما يقال ذلك لمن جبن عن شيء. والعود: الجمل المسن؛ وقد عود، أي نيب، والجميع العودة، وفي لغة: العيدة. ويستعمل العود في السؤدد القديم، والطريق العادي.
وقوله " يرفع ضوءها " يريد أن هبات الرياح الباردة تهيجها، فكأنها ترفع من ضوئها في ظلام الليل ومعه. والصوارد: البوارد، وهي من صفة الهبات.
وقوله " أصد بأيدي العيس " جواب رب.
ويشبه البيت الثاني قول الآخر:
يا بيت عاتكة الذي أتعزل ... حذر العدى وبه الفؤاد موكل
ومثل البيت الأول قوله:
تنورتها من أذرعات وأهلها ... بيثرب أدنى دارها نظر عال
وهذا منهم على التشوق والتحفي. ألا إنهم كانوا يتعللون بما كان من نحو أرض الحبيب.
[وقال الحسين بن مطير]
وكنت أذود العين أن ترد البكا ... فقد وردت ما كنت عنه أذودها
خليلي ما بالعيش عتب لو أننا ... وجدنا لأيام الحمى من يعيدها
يقول: كنت أصبر النفس فيما ركبها وثقل عليها من الوجد، وأحبس العين مما ترومه من البكاء، فقد عيل الصبر، وتسلط الحزن، وغلب البكاء، فقد وردت عيني المورد الذي كنت أحلها منه، وأدفعها عنه.