وصفها بأنها درية اللون، وأن فيها مشابه من بقر الجواء، وأنها حيية قليلة الحركات لنعمتها، قليلة الكلام لفرط حيائها، فكأن بها نكس سقم لما الفته من الكسل. وقال الخليل: الردع والرداع: النكس؛ ورجل مردوع. وقيل الرداع: الوجع في الجسد. فأما قول الأعشى:
بيضاء ضحوتها وصفرا ... والعشية كالعراره
فجعل لها لونين: بياضاً في أول النهار، وصفرة في آخره حتى لونها لون العرار. وإنما يريد أنها تقيل فيمتد النوم بها إلى آخر النهار، والقائم من نومه أبداً يكون متغير اللون. ومثل قوله ترك الحياء بها رداع سقيم، قول الآخر:
كأن لها في الأرض نسياُ تقصه ... على أمها وإن تكلمك تبلت
وقوله من محذيات أخي الهوى، يريد أنها من النساء اللاتي تسقى الشبان وهي الحذيا والحذوة. والأسى: الحزن.
وقوله بدلال غانية تعلق الباء منه بمحذيات. والغانية: التي تستغني بجمالها عن الحلي. والريم: الظبي الخالص البياض. والمعنى: أنها تفتنه بعينها وكلامها وغنجها.
وقوله " وقصيرة الأيام " يريد أنها لاتمل، فالأيام في ملازمتها قصيرة، حتى أن مجالسها يود أن يدوم مجلسها له وإن فقد أقاربه. والقصد إلى أنها طيبة الحديث، مؤنسة المجلس، مصرفة الملازم في أصناف الملاذ حتى ينسى كل شيء غيرها، ويبشم جميع المناظر سواها.
وقوله " بفقد حميم " الباء فيه يفيد معنى العوض، فهو كما يقال: هذا لك بكذا، أي عوضاً منه.
وقال آخر:
ونار كسحر العود يرفع ضوءها ... مع الليل هبات الرياح الصوارد