والطوال، يكون جمع طويل وطوالٍ جميعا. ومفعول شمرت محذوف، والمراد، رفعت ذيولها، وتهيأت مجتمعة ومتخففة للقتال. وكما قيل هم طوال الأيدي والسواعد في الجرئ المقدم، المستعلي المقتدر، قيل في السخاء: هم بسط الأيدي والأكف، وقيل هو شديد الساعد للقوى الجلد.
إذا ما قلوب القوم طارت مخافةً ... من الموت أرسوا بالنفوس المواجد
انتصب مخافةً على أنه مفعولٌ له. وجواب إذا " أرسوا ". والمعنى: إذا تمكن الرعب من القلوب والصدور حتى طاشت له الألباب، وطارت له الأفئدة، ثبت هؤلاء القوم في مواقف التدافع والتحارب بنفوس كريمةٍ لا تغضي على قذى، ولا تصبر على أذى، فهي آبيةٌ للدنيات، صابرةٌ عند النائبات. وقوله " أرسوا " مفعوله محذوف، كأنه قال أرسوا قلوبهم بالنفوس الكريمة. ويجوز أن يكون الباء من بالنفوس زائدةً للتأكيد، كما قال:
سود المحاجر لا يقرأن بالسور
والمعنى أرسوا النفوس، أي أثبتوها إثباتاً لا تحلحل معه ولا تموج. على هذا قولهم: الجبال الراسيات، وهو راسي الدعائم. والمواجد: جمع ماجدةٍ، وأصله الكثرة، يقال أمجدت الدابة العلف، إذ أكثرته لها.
وقال سعد بن مالكٍ
يا بوس للحرب التي ... وضعت أراهط فاستراحوا
اللام من قوله " يا بوس للحرب " دخلت لتأكيد الإضافة في هذا الموضع، وهي إضافةٌ لا تخصص ولا تعرف. وهذه اللام لا تجيء على هذا الحد إلا في بابين: أحدهما باب النفي بلا، وذلك منه في قولك لا غلامى لك ولا أباً لك وما أشبههما، والثاني باب النداء في قولك يا بوس للحرب، وإنما المعنى يا بوس الحرب. ألا ترى