إني إذا خفي مواقعهم من قلوب الرؤساء، ومواضعهم من صدور المجالس فأنا بخلافهم. يصف اشتهاره في الأماكن وجلالته في النفوس، فيقول: إذا غشي الرجال خمولٌ ألفيتني في شهرتي ونباهتي كالشمس التي يتصل شعاعها بكل مكان، ويعرف شأنها في كل نفسٍ وكل زمانٍ.
قال الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهبٍ
مهلاً بني عمنا مهلاً موالينا ... لا تنبشوا بيننا ما كان مدفونا
المهل والمهل والمهلة تتقارب في أداء معنى الرفق والسكون. ويقال: لا مهل لك، ومالك من مهلٍ. قال:
يقولون مهلاً يا جميل وإنني ... لأقسم ما بي عن بقينة من مهل
يقول: رفقاً يا بني عمنا، رفقاً موالينا. وهذا التكرار يريد به التأكيد. ويجوز أن يكون هذا الكلام تهكماً، ويجوز أن يكون رآهم ابتدءوا في أمر لم يأمن معه من تفاقم الشأن، واستفحال الخطب، ما لا يقدر على تلافيه، فاسترفقهم لذلك. وقوله:" لا تنبشوا بيننا " أي لا تثيروا ما كان مستوراً من الشر. وذكر الدفن والنبش استعارةٌ في الإظهار والكتمان.
لا تطمعوا أن تهينونا ونكرمكم ... وأن نكف الأذى عنكم وتؤذونا
يقال: طمع فلانٌ في كذا طمعاً وطماعيةً ومطمعاً. وأوصل الفعل بنفسه من دون في، لأن أن الخفيفة والشديدة إذا اتصل بها حروف الجر حسن حذفها لطول الكلام بها. تقول: أنا راغبٌ في أن ألقاك، وطامعٌ في أن يحسن زيدٌ إليك، وحريصٌ على أن أصلك. ولو قلت: أنا راغب أن ألقاك، وطامع في أن يحسن زيد إليك، وحريص على أن أصلك لجاز. ولو جعلت مكان أن المصدر فقلت: أنا راغبٌ في لقائك،