والمراد بقوله لهم نباحاً: لم أجب نباحهم. ولهم تبيين. وقوله أمنهم أنتم في موضع المفعول من قلت، وانتصب فأكف بإضمار أن، وهو جواب الاستفهام بالفاء. والصراح: الخالص من كل شيء، وكذلك الصريح والصراح. ورجل صريح: ضد هجين، من قوم صرحاء. وخمر صراح: لم تشب بمزاج. وقوله حسبك تهمة ارتفع على الابتداء، ويكتفي به لأن فيه معنى الأمر، أي اكتف. وانتصب تهمة على التمييز، ومعنى الأبيات ظاهر.
[وقال مدرك]
لقد كنت أرمي الوحش وهي بغرة ... وتسكن أحياناً إلى شرودها
فقد أمكنتني الوحش مذ رث أسهمي ... وما ضر وحشاً قانص لا يصيدها
فأعرضت عن سلمى وقلت لصاحبي ... سواء علينا بخل سلمى وجودها
جعل الوحش كناية عن النساء. وإنما يذكر أيام شبابه، ووقت صباه ولهوه، فيقول: كنت أتعرض للنساء وهي مغترة وفي غفلة عني، فأصيبها بمحاسني وأصطادها. والشاردة منها النافرة من الريب تسكن إلي وتميل نحوي وقتاً بعدوقت، وحالاً بعد حال. هذا فيما مضى من عمري، والآن قد شخت فسهامي قد رثت، وآلاتي كلت. وإنما يريد محاسنه عندهن من قبل، وأنها قد بارت، وما كان ينفقه عندهن من نفوذ نصاله عند الرماء فيهن كلت. قال: فالوحش تمكنني وأنا لا أرميها وتكتب لي وأنا غافل دونها. ومعنى تمكنني أن النساء تنبسط إلي فلا تنقبض، وتستنيم فلا تنفر لأمنها من توجه الريبة. قال: والصائد لا يضر الوحش إذا لم يصدها، يعني نفسه. وهذا الكلام يجري مجرى الأمثال. والمعنى أنهن لا ينفرن مني، وقد سكن إلي وأمن رميي.