للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يكون في معنى مقسوم، وقد يكون القسيم المقاسم، وليس هذا موضعه. ولك أن تروى قاسمنا المنايا بسكون الميم، ويكون المنايا في موضع المفعول، ولك أن تفتح الميم وتجعل المنايا فاعلةً؛ والمعنى فيهما متقاربٌ. وكانت الوقعة بعين أباغ، فلذلك خصه بالذكر، وقاسم يقتضي مفعولاً آخر، كأنه قال: قاسمنا المنايا الناس أو الأصحاب. وقوله قسيمها، كقولك نصيبها. وخير القسيم كقولك خير الأنصباء. وأنشد ابن الأعرابي في هذه الطريقة:

إذا ما المنايا قاسمت بابن مسحلٍ ... أخا واحدٍ لم يرض نصفاً قسيمها

فآب بلا قسم وآبت بقسمها ... إلى قسمه لاقت قسيما يضيمها

كأنه كان للمنايا نصيبٌ في أخيه، فقاسمته وأخذت نصيبه إلى نصيبها، وآب هو بلا نصيب. ثم دعا على المنية فقال: قيض الله لها قسيماً يظلمها كما ظلمتني.

وقال عتي بن مالكٍ

أعداء من لليعملات على الوجى ... وأضياف ليلٍ بيتوا لنزول

أعداء ما للعيش بعدك لذةٌ ... ولا لخيلٍ بهجةٌ بخليل

أعداء ما وجدى عليك بهينٍ ... ولا الصبر إن أعطيته بجميل

ناداه مسائلاً له على طريق التوجع: من خلفت بعدك للوراد، وعلى من اعتمدت في تفقد الأضياف. واليعملات: النوق السراع. والوجى هو الحفى. وقال الخليل: اليعملة لا يوصف بها إلا النوق. وقال أبو سعيدٍ: يقال للجمل يعملٌ، اسمٌ له من العمل، كما يقال يعملةٌ، وأنشد:

إذ لا أزال على أقتاد ناجيةٍ ... صهباء يعملهٍ أو يعملٍ جمل

أراد أو جملٍ يعمل. وموضع على الوحى نصبٌ على الحال، كأن فناءه وداره كان مألفاً للعفاة ومجمعاً للأضياف، فإذا أرادوا من يؤويهم لم يؤثروا تطلباً على قصده، ولم يجدوا تطلقاً وتوفراً إلا من عنده، فقال على طريق التحسر: من يؤوي الأضياف وقد بهرهم السعي وأتعبهم الطلب غيرك، ومن ينزل السفر وقد أكلهم التعب

<<  <   >  >>