في الشيء الزائل عن مكانه إذا فقد: أضللته، فإن ثبت في مكانه ولم يهتد إليه قيل: ضللته. وقوله: إن الذمام كبير، كالتفات، وقوله: أضل بعيره في موضع الصفة لامرأ، وكذلك له ذمة صفة أخرى. ومعنى منكم من خاصتكم وبطانتكم، وهو يفيد معنى الوصف أيضاً، والمعنى: أجروني مجرى رجل منكم ند له بعير، وله ذمام الصحبة والنسب والقرابة، فإن للذمام حقه، وحرمه المرافقة كبيرة، ودعوني أقض من حق ليلى واجبه، ولا تستعجلوني في ذلك ولا تمنعوني عنه، ثنم قال: فإنكم إذا تركتموني ولم توفروني على ماأهم به فيما يختص بي لها، كنتم وتركتم رفيقاً لكم وضيعتموه أشد ما كان حاجة إليكم، والرفيق أعظم حرمة في صاحبه المتروك من ضلال بعير. يريد: وإذا عد ترك الاستبناء بمن أراد نشدان ضالته، تجوزا في المحافظة، وتعديا في حكم المرافقة كان مثل ذلك إذا فعل مع من يروم تجديد العهد بروحه، والاستبقاء على لبه، أعظم في الجناية، وأقبح في الأحدوثة.
وقوله: عفا الله عن ليلى الغدة، تشك وتألم من سوء معاملتها وأنها متى حكمت فيه وفيما يتعلق به جارت ولم تنصف. وهذا الكلام منه إيذان بأنها تستعظم الصغير إذا وقع منه، بل تعده كبيرة وتغلظ العقوبة عليها، والمؤاخذة بها.
وقال آخر:
أآخر شيء أنت في كل هجعة ... وأول شيء أنت عند هبوبي
مزيدك عندي أن أقيك من الردى ... وود كماء المزن غير مشوب
قوله: في كل هجعة، العامل فيه أآخر، وكذلك عند هبوبي العامل فيه أول شيء. يقول: لا أخلو من ذكراك ساعة؛ لأني إن نمت كان خيالكسميري مدة هجوعي، وإن أوقظت كنت لزيم ذكراك مدة يقظتي، فأنت في النوم آخر شيء لي، ولا فاصل بين الحالين. ثم قال: والذي يزيدك من عندي ألا أشهر بك، ولا أبوح بسرك، ولا أعلن النسيب بإسمك، إذ كان في جمعية تنفيرك، وتعريضك للردى: فضيحتك، فأنا أقيك من ذلك، وأنا أصفي لك الود حتى لا يشركك في قلبي أحد، فيصير ثاوي الود مشوباً، وصافي الهوى مكدراً ويجوز أن يكون المراد: مزيدك عندي أن أدعو الله تعالى بالصيانة لك، وتوفير الحياطة عليك من كل ما تكرهينه، أو يؤدي إلى شينك فيما ترومينه.