للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فتى قد قد السيف لا متضائلٌ ... ولا رهلٌ لباته وأباجله

معنى قد قد السيف أنه في مضائه ونفاذه كالسيف. والقد: القطع طولاً. ويقال: هو حسن القد، أي التقطيع؛ وهو على قده، أي على قدره. وهو يقتد الأمور بالسيف، إذا دبرها بالسيف. ومعنى لا متضائل: لا متخاشع. والضؤولة: الدقة، يقال: هو ضئيل الجسم. والرهل: المسترخي اللحم من السمن. يقال: فرسٌ رهل الصدر. واللبات: جمع اللبة، وهو الصدر؛ وجمعه على ما حوله، أو جعل كل قطعةٍ لبة. والأباجل: جمع أبجل، وهو عرقٌ في الساق، والمعنى أنه ليس بكثير اللحم على الصدر غليظ الساق. وهم يتمدحون بالهزال ويذمون السمن. ويروى وبآدله، وهو ما بين العنق والترقوة. ومعنى البيت: أنه في قد السيف ومضائه، لا يشينه تخاضعٌ، ولا هو سمينٌ مسترخي اللحم على الصدر ولا على ما حوله. ولا متضائل، ارتفع متضائل على أنه خبر مبتدأ محذوف، كأنه قال: لا هو متضائل. ولباته ارتفع بفعله، وفعله رهلٌ.

إذا جد عند الجد أرضاك جده ... وذو باطلٍ إن شئت ألهاك باطله

يسرك مظلوماً ويرضيك ظالماً ... وكل الذي حملته فهو حامله

يصفه بأنه كان مستصلحاً للهزل والجد، فإن جد حسن جده وتناهى الرضا به والاستحسان له، وإن هزل ألهى هزله على اقتصادٍ فيه واستطابة له، لأنه أخذ من مكارم الأخلاق بأوفر النصيب، فهو ينخرط في كل سلك، ويدخل في كل شأنٍ وأمر.

وقله يسرك مظلوماً انتصب مظلوماً على الحال. يقول: إن اهتضمت انتقم لك من ظلمك، وإن اهتضمت أنت غيرك لم يبعد عن نصرتك. وهذا على طريقتهم في قولهم: " انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً ". وقوله وكل الذي حملته فهو حامله يصفو برحابة الصدر والأخذ في كل ما يدعى إليه بالصبر، وأنه يتحمل الأعباء الثقيلة

<<  <   >  >>