طعنا زياداً في استه وهو مدبرٌ ... وثورٌ أصابته السيوف القواطع
وأدرك هماماً بأبيض صارمٍ ... فتىً من بني عمروٍ طوالٌ مشايع
وقد شهد الصفين عمرو بن محرزٍ ... فضاق عليه المرج والمرج واسع
الرايات: الأعلام. والحوائم: جمع حائمةٍ، وهي العطاش من الطيور تحوم حول الماء. وحوماتها: دورانها؛ فكثر استعماله حتى صار كل عطشان حائما. ويروى:" عواطف طيرٍ ". وقوله " مستديرٌ وواقعٌ " بدلٌ من حوائم، وجعل الرايات بعضها جائلٌ في الجو دائرٌ، وبعضها ساقطٌ، لأن المنهزمين تسقط أعلامهم فتنخفض، والظافرين تثبت أعلامهم فتخفق. وقوله وكلٌ للعشيرة فاجع، أي كل واحدٍ من المذكورين رئيس عشيرةٍ قد فجعوا به. والشاعر يذكر وقعة المرج مرج راهطٍ - وراهطٌ رجلٌ من قضاعة في الجاهلية الأولى - واجتمع به المروانية، وهم الذين دعوا إلى مروان بن الحكم، وهم كلبٌ وعبسٌ وغيرهم من قبائل اليمن. والزبيرية، وهم الذين دعوا إلى ابن الزبير، وهم قيسٌ ومن تبعهم، فاقتتلوا قتالاً شديداً، فكانت الدبرة على القيسية ورئيسهم زفر بن الحارث، ومعهم الضحاك بن قيسٍ. ولهذا قال الشاعر:
فمن يك قد لاقى من المرج غبطةً ... فكان لقيس فيه خاصٍ وجادع
وقوله " طعنا زياداً في استه "، فهو زياد بن عمرو العقيلي. وقوله وهو مدبر أي مولٍ منهزمٌ. ويجوز أن يكون من الإدبار، لتركه الرأي حتى بلي بما بلي. وعمرو بن محرزٍ من أشجع. وقال: ضاق عليه المرج على سعته، لأنه كان مغلوباً مطلوباً. ويقال ضاق بفلانٍ الفضاء. والمشايع: المقوي لأصحابه المتابع لهم. وجعله طوالاً لأنهم يستحبون تمام الخلق، وامتداد القامة. وقوله وثورٌ أصابته السيوف القواطع، رفع ثوراً لأن الفعل بعده شغل عنه، وإن نصبه طلباً للمطابقة إذ كان في الجملة التي قبله منصوبٌ كان أحسن.