يعتذر من رضا نفسه بتلك الطعنة الواحدة. وعوض اسمٌ للدهر معرفةٌ مبنيٌ، وكما يبنى على الفتح فقد يبنى على الضم، والضم فيه حكاه الكوفيون. ويقال لا أفعله عوض العائضين. وإنما بني لتضمنه معنى الألف واللام والخضمة: ما غلظ من الساعد والذراع، ويبدل من ميمه الباء، فيقال خضبةٌ. وقد روي هذا البيت، وهو:
يذري بأرعاشٍ يمين المؤتلي ... خضمة الذراع هذا المختلي
بالميم من " خضمة " والباء جميعاً. ويعني بنبل الدهر تأثيره في مفاصل الشيوخ. وعلى هذا قول الآخر:
رمتني بنات الدهر من حيث لا أرى ... فكيف يمن يرمى وليس برام
ومعنى البيت الأول: لولا رميات الدهر في مفاصلي ومجامع أعضائي، ومستغلظ عضدي وذراعي، لكان تأثيري وبلائي في الحرب أكثر مما كان، ولشفعت تلك الطعنة ولم أتركها وتراً. وقوله " لطاعنت صدور الخيل " أراد بالخيل الفرسان أي لولا ما قدمت من العذر لدافعت بالطعن أوائل الخيل، طعناً لا تقصير فيه ولا قصور. وخص الأوائل منهم لتقدمه. ويجوز أن يريد بالصدور الرؤساء والأكابر. وهم يتبجحون بمجاذبة العلية. ألا ترى قول الآخر:
من عهد عادٍ كان معروفاً لنا ... أسر الملوك وقتلها وقتالها
وكما استعملوا الصدور في الأماثل والجلة استعملوا في الأرذال والسفلة الأعجاز. وهذا كما قالوا: الرءوس والأذناب، وكما قال: