للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يكون موضع تعل صفةً لقوله يافعاً، أي معلولاً؛ ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف كأنه قال: وأنت تعل وتهل بما أدنيه. وقوله لم أبت لشكوك فالشكو والشكوى والشكاة واحدٌ. والتململ: القلق وترك الهدو. ويروى تعل بما أجني عليك والمعنى أجني لك. وهذا كما يقال: سعى فلانٌ على ذويه، إذا سعى لهم في مصالحهم: ويقال جنى الثمر يجني جنياً وجنايةً. قال الأخطل:

داني الجناية مونع الأثمار

فلما بلغت السن والغاية التي ... إليها مدى ما كنت فيك أومل

جعلت جزائي منك جبهاً وغلظةً ... كأنك أنت المنعم المتفضل

يقول: فلما تكامل منك الشباب، وتعلقت بك الآمال، وبلغت المدى المنتظر للانتفاع بك، والاستظهار بمكانك، والاضطلاع بكفايتك، وصلحت لأن تكون عدةً وعدداً، وبأساً مخوفاً، وطمعاً مرجواً، أقبلت تجازبني بإحساني إساءةً، ومما استلنت من جانبي غلظةً، ومما ترفرف عليك من رحمتي ورقتي نبواً وقسوةً، حتى كأن ما سال عليك من نعمتي كان لك، وما أسبل عليك من فضلي وإفضالي كان منك؛ لا مراجعة في الأول تردك، ولا ملاحظة لعقباك تفيء بك.

والجبه: مقابلة الإنسان بما يكرهه.

فليتك إذ لم ترع حق أبوتي ... فعلت كما الجار المجاور يفعل

تراه معداً للخلاف كأنها ... بردٍ على أهل الصوب موكل

يقول: وددت أنك إذ لم تنلني إكبار الآباء، ولم ترع مني حقوق الولاد والإنشاء سرت معي بسيرة المجاور لجاره، والمرافق لرفيقه؛ فإن ذلك إذا عد درجات المبار، ومدت علائق التحاب، وتؤمل ذمم القرابة، وحرم الصداقة، أضعف الأواخي، وأدون المراقي. ثم أخذ ينبه على سوء اختياره، وتمادي لجاجه، وتناهي جهله والتوائه، فقال: تراه معداً للخلاف أي جعل الخلاف على ذوي الرأي وأرباب العقل، وأولي

<<  <   >  >>