للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بها. والمعنى إلى هذا الوقت. وموضع كالفحال نصبٌ على الحال. يقول: لم أزل أجري معه في تربيته وتفقده، إلى أن استكمل شبابه، وبرع نباته، وامتد قوامه، فصار كفحل النخل وقد قطع متعهده منه شذبه، وألقى عن ظهره كربه، ليكمل طوله، ويتم غراسه. والكرب: أصول الأعذاق تترك كالأوتاد ليرتقى بها في النخل. والفحال: فحل النخل خاصةً، ولا يقال لغير فحلها فحال. والابار والمؤبر: الملقح للنخل. والفحال لا يؤبر، ولكن لما كان يؤبر به النخل أضاف الأبار إلى ضميره، على عادتهم في إضافة الشيء إلى غيره لأدنى تفلق بينهما. ألا ترى إلى قوله تعالى: " فإذا جاء أجلهم " وفي موضعٍ آخر: " فإن أجل الله ". ومعنى آض، قال الخليل: الأيض صيرورة الشيء شيئاً غيره وتحوله عن حاله. وقوله أنشا يمزق أثوابي هو جواب قوله حتى إذا آض كالفحال، وهو العامل في إذا، أعني أنشأ. ويقال أنشأ الله الخلق، ونشأ فلانٌ حديثاً، ثم يقال: أنشأ يفعل كذا ويقول كذا. يقول: لما بلغ هذا المبلغ ابتدأ يضربني ويخرق ثيابي، مرشداً ومؤدباً ثم قالت وكأنها أقبلت على إنسانٍ غيره بحضرتها تخاطبه منكرةً ومتعجبةً: أبعد المشيب يطلب تأديبي. وهذا الكلام منها كالإشارة إلى المثل المضروب السائر في الأمم: " من العناء رياضة الهرم "، وهو مع ذلك يجري مجرى الالتفات.

إني لأبصر في ترجيل لمته ... وخط لحيته في خده عجبا

قالت له عرسه يوماً لتسمعني ... مهلاً فإن لنا في أمنا أربا

ولو رأتني في نارٍ مسعرةٍ ... ثم استطاعت لزادت فوقها حطبا

قولها إني لأبصر، يقال أبصرت الشيء وبصرت به. والبصر: العين ونفاذ القلب. وحكي أن معاوية قال لابن عباسٍ وقد كف بصره: ما لكم يا بني هاشمٍ تصابون بأبصاركم إذا أسننتم؟ فقال: كما تصابون ببصائركم عنده!! والترجيل: غسل

<<  <   >  >>