ولك أن تنصب (سليم) بما بعده، فيكون في موضع الحال، وما يتبعه صفات له، وهو لا باسطاً أذى ولا مانعاً خيراً ولا قائلاً هجراً.
إذا ما أتت من صاحب لك زلة ... فكن أنت محتالاً لزلته عذرا
غنى النفس مايكفيك من سد حاجة ... فإن زاد شيئاً عاد ذاك الغنى فقراً
يقول واعظاً ومهدئاً: إذا اتفقت من صديق لك زلة، أو وقوف موقف تهمة، فحسن أمره في ذلك واحمله على ضروب مما يبسط عذره فيه، بل كن أنت المحتال لعذره، فلا تحوجه إلى تكلف الأعتذار.
وقوله (غنى النفس ما يكفيك من سد حاجة) يقول: خذ من دنياك ما تسد به فقرك، فإن غنى النفس ما يضمن الكفاية، فإن زاد قليلا عاد ذلك بزيادتك فيه الفقر، وذاك أن الدواعي إنما تكثر وتتوسع الأسباب وكثرتها، وما يفضل عن الكفاية يمت كل جزء منه بماتة صاحبه فلا يكاد يكتفي ببعضه إلا وما عداه يمت بمثل ماتته. وإذا صار الأمر على ذلك فكل منزلة ينتهي إليها طلب الفضل تدعوه إلى مافوقها، فيبقى أبداً متعباً فقيراً. وقوله (فإن زاد، شيئاً) انتصب شيئاً على المصدر، لأنه واقع موقع زيادة. وزاد هاهنا بمعنى ازداد، فلا يتعدى. وانتصب فقراً على الحال.
وقال آخر:
وكم من لشيم ود أنى شتمته ... وإن كان شتمي فيه صاب وعلقم