ساعدني فيها عمرو بن عامرٍ ... زهيرٌ فأدى نعمةً وأفاءها
يجوز أن ينتصب نعمةً على الحال ويكون مفعول أدى محذوفاً كأنه قال: فأداها نعمةً ويداً يستحق عليها شكراً، ويجوز أن ينتصب على أنه مفعول أدى، ويكون المعنى: ساعدني في هذه الطعنة زهير بن عمرو، فأدى صنيعة كانت لي عنده بمساعدته، واتخذها مغنماً لنفسه أيضاً. ويجوز أن يكون أفاءها من الفيء: الغنيمة، وهذا قول أبي عبيدة. ويجوز أن يكون أفاءها من الفئ: الرجوع، أي أداها ورجعها إلى مصطنعها، لأن الأيادي قروضٌ في الصالحين.
وكنت امرأً لا أسمع الدهر سبةً ... أسب بها إلا كشفت غطاءها
يروى لا أسمع ولا أسمع. ومن الغطاء قيل غطا الليل، وغطا عليهم الشر وغيره. يقول: كنت رجلاً لا أعير شيئاً طول الدهر إلا بينت للناس براءة ساحتي منه. وحقيقة كشفت غطاءها أي لم أترك السبة ملتبسةً على سامعها، فكان يتردد بين تصديقها وتكذيبها، بل أبنت أمرها وأظهرت وجهها، حتى بان للناس اختلاق الساب بها، وكذابه فيها. والسبة، كالغمة والغصة وما أشبهها. وذهب بعضهم إلى أن المعنى: إذا رميت بعيبٍ كان حقاً علي محوه عن نفسي، بما استأنفه من سعي. والأول أحسن.
متى يأت هذا الموت لا تبق حاجةٌ ... لنفسي إلا قد قضيت قضاءها
يروى لا يلف حاجةً على أن يكون الفعل للموت، ولا تلف حاجة على ما لم يسم فاعله، أي لا توجد. تقول: أجتهد في إدراك الآثار، وطلب الأوتار، قبل دنو الأجل، فمتى جاء الموت لا يجد حاجةً تتعلق نفسي بها قبل إلا وهي مقضيةٌ. ومعنى قضيت قضاءها أي فرغت منها كقضائي لأمثالها. وقوله هذا الموت يجوز أن يكون تصوره حاضراً لمعرفته بإدراكه لا محالة، وأشار إليه. ويجوز أن يكون لدوام استقتاله وتحدثه بمجيئه، وكونه من همه، أشار إليه على جهة التقريب له.