يقول: أبث في الناس قصتي وقصة فرسي، وأخبر كل من لاقيته بجنايته علي وبلائه معي، وهم بحسدهم وسوء رأيهم يوجهون الظنة إلي، ويسلطون التهمة علي، فأنا بين تكذيبٍ وتعييرٍ معهم وفيهم.
وقال أيضاً:
هاجرتي يا ابنة آل سعد
أأن حلبت لقحةً للورد
يروى هاجرتني على الخطاب، والكلام به ظاهر الاستقامة، ويروى هاجرتي، والمعنى أنت هاجرتي. وقال يا ابنة آل سعد يجوز أن يريد يا ابنة سعد فزاد الآل كما يزاد لفظه حي وذو. ومثله قول الآخر، أنشده ابن الأعرابي:
إن ابن آل ضرار حين أندبه ... زيداً سعى لي سعياً غير مكفور
أراد إن ابن ضرار. وهذا بابٌ واسعٌ مختلفٌ. ويجوز أن يكون جعلها ابنة الآل إعظاماً لها، كما يقال يا ابنة القوم، وقد تقدم القول في الآل وحقيقته. واللقحة: الناقة الحلوب؛ ويوصف به، لا يقال ناقةٌ لقحةٌ، بل يجرى مجرى الأسماء. يقول: صارمتني أيتها المرأة حين آثرت فرسي الورد بلبن لقوحى، فأخرج قوله أأن حلبت مخرج التقريع والتوبيخ، وإن كان لفظه لفظ الاستفهام، لأن المراد به: ألأن حلبت، أي ألهذا الشأن كان منك الهجران لي.
جهلت من عنانه الممتد
ونظرى في عطفه الألد
إذا جياد الخيل جاءت تردى
مملوءةً من غضبٍ وحرد
قوله جهلت من عنانه يجوز على مذهب أبي الحسن الأخفش أن يكون زاد " من " في الواجب، أراد جهلت عنانه، ويكون قوله، ونظرى في موضع النصب عطفاً عليه إن شئت. ومما حكاه من الحجة له القول بعضهم: قد كان من مطرٍ، قد كان من شيء فخل عني. وعلى مذهب سيبويه يكون فيه وجهان: أحدهما أن يكون الكلام محمولاً على المعنى، لأن الجهل نفي العلم، كأنه قال بدل جهلت: ما