للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يصف صفاء نيتهم لقومهم، وأنهم يسلكون معهم طرائق ما يعود على المسود بالصلاح، وعلى السائد باستكمال الرياسة والارتفاع، فقال: إذا جهلوا علينا صفحنا عنهم، وأبقينا على الحال بيننا وبينهم، واستفأنا إقامتهم ورجعتهم. كل ذلك لئلا ينفروا فيزداد ما بيننا وبينهم تفاقماً. فأما الأعداء فإنا نكسرهم ونستل عنهم كبرهم وخنزواتهم، وانلين أعناقهم حتى ينقادوا على ضغن منهم. والسالفة: صفحة العنق. والصيد: ميل في العنق من الكثير كما ما يكون الصغر في الخد، وكما أن الصاد يستعمل في الناظر.

وقوله: (ومتى نخف يوماً فساد عشيرة) يريد: إنا نسعى في إصلاح ذات بينهم، ولا ندعهم يتدابرون ويتضاغنون؛ لأن عز الرجل بعشيرته. ثم إن رأيناهم على حد مت الصلاح زدنا في قوة نياتهم، وحملناهم على ما يزدادون به استقامة واستمراراً.

وإذا نموا صعداً فليس عليهم ... منا الخبال ولا نفوس الحسد

ونعسين فاعلنا على ما نابه ... حتى نيسره لفعل السيد

يقول: وإذا ارتقوا في درجات العز وتبوءوا منازل الفضل، لم نحسدهم، ولم نضيق عليهم طرائق مقاصدهم، فيورثهم ذلك خبلاً وفتوراً. والساعي منهم إذا جد في إقامة ما ينوبه من الحقوق أعنا على إتمام ما يشيده، والزيادة فيما يؤيده، حتى نبلغ به فعل السيد، علماً بأن رفعتهم لنا، وجمالهم جمالنا.

ونجيب داعية الصباح بثائب ... عجل الركوب لدعوة المستنجد

فنفل شوكتها ونفثأ حميها ... حتى تبوخ وحمينا لم يبرد

ونحل في دار الحفاظ بيوتنا ... رتع الجمائل في الدرين الأسود

قوله (ونجيب داعية الصباح) ، يريد: وإن استعان بنا من أغير عليه صباحاً من ذي محرم أو جار، أو متسبب بإل وقرابة، أجبناه سريعاً بجيش سريع الركوب لدعوة المستصرخ، فنكسر شوكة المغيرين، ونخمد نائرتهم ونسكن حماهم حتى تبرد، وحمانا لم تسكن ولم تبرد. وجعل الشوكة كناية عن السلاح والقوة جميعاً، وقوله (نفثأ) هو من فثأت القدر، إذا سكنت غليانها. وقوله (حتى تبوخ) يقال باخت النار إذا طفئت.

<<  <   >  >>