الكره بالضم: المشقة، والكره بالفتح الإكراه. وسراة القوم: خيارهم. فيقول: بمشقة رؤسائنا وكراهتهم نباكركم بسيوفٍ محددة الحد مصقولةٍ، وإنما قال بكرة سراتنا لأن الرؤساء يحبون التألف بين العشيرة وإصلاح ذات البين، وترك التدابر والاختلاف، إذ كان عز الرئيس بأصحابه، وحشمته في نفوس منابذيه بقوة ذويه وأقربائه. ويجوز أن يكون ذكر السراة والمراد الجميع. والمعنى: على كرهٍ منا نقاتلكم ولكنكم ألجأتمونا إليه. وجمع صقيلاً وهو فعيل بمعنى مفعول على صقالٍ وذلك على غير بابه، لأن التكسير على فعالٍ يكون في الأصل فعيلٍ إذا كان بمعنى فاعلٍ، نحو ظريفٍ وظرافٍ وكريمٍ وكرامٍ، ومثله قولهم فصيلٌ وفصالٌ، وساغ ذلك لاتفاقهما في الزنة والوصفية. وروى: بمرهفة الصقال، وتكون إضافة المرهفة إلى الصقال كإضافة البعض إلى الكل، لأن المعنى بالمرهفة الحد من الصقال، أي من السيوف المصقولة.
نعديهن يوم الروع عنكم ... وإن كان مثلمة النصال
قوله نعديهن أي نصرفهن. ويقال: عد الهم عنك، أي اصرفه. والبيت يحتمل وجهين: أحدهما أن يكون المعنى نصرف السيوف عنكم إبقاء عليكم، وكراهيةً لاستئصالكم، وإن كانت نصالها قد تفللت من كثرة ما نقارع بها الأعداء. ويجوز أن يكون المعنى: نصرفهاوإن تثلمت بكم وفيكم، لن القدرة تذهب الحفيظة، ولأن ما يجمعنا يدعو إلى البقيا، والأخذ فيكم بالحسنى.
لها لونٌ من الهامات كابٍ ... وإن كانت تحادث بالصقال
قوله من الهامات أي من دماء الهامات ومن التأثير فيها. يقول: لهذه السيوف لونٌ متغيرٌ قبيحٌ، لكثرة ما يسفك بها الدماء، وإن كانت يجدد صقلها كل يومٍ. والمحادثة: إعادة الماء إلى السيف بالصقل. وقد قال الحسن رحمه الله فيما حكي عنه من مواعظه: حادثوا هذه القلوب فإنها سريعة الدثور، واقدعوا هذه الأنفس فإنها طلعةٌ. وقوله كابٍ من قولهم كبا وجهه، إذا اربد واسود. وكبا نور الصبح والشمس، إذا نقص وأظلم. وجواب إن كانت فيما تقدم عليه، والجملة في موضع الصفة للمرهفة.