ولكن أصحابي الذين لقيتهم ... تعادوا سراعاً واتقوا بابن أزنما
أراد بالأصحاب من لاقاه من الأعداء. ومعنى تعادوا سراعاً: تبادروا مسرعين وتسابقوا، وهذا من العدو. ويجوز أن يكون من عادى بينهما، أي والى، فيكون المعنى توالوا. ومن هذا قولهم: تعادى القوم، أي مات بعضهم في إثر البعض. وقوله " واتقوا بابن أزنما "، يريد جعلوه بيني وبهم، وهذا الرجل الذي استجنوا به كأنه كان مدره الكتيبة. وإنما ثبت في وجه القوم يشغلهم ليسلم أصحابه، ويأخذوا المهلة في الفرار. وفي الحديث:" كنا إذا احمر البأس اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم ".
فركبت فيه إذ عرفت مكانه ... بمنقطع الطرفاء لدنا مقوما
يقول: طعنته لما عرفت محله من أصحابه، وموضعه من البلاء والمحاماة فيهم، برمحٍ لينٍ مثقفٍ، عند منقطع الطرفاء. والطرفاء: شجرٌ. ومنقطعه: المكان الذي يخلو منه على اتصاله بمنابته. وقال الأصمعي: واحد الطرفاء طرفةٌ كقصبةٍ وقصباء. والباء من قوله " بمنقطع " يتعلق بقوله " ركبت " على ما فسرناه. وكان لا يمتنع أن يكون معنى قوله عرفت مكانه، عرفت موضعه ومقامه، لأن الرئيس يخفي مكانه ويخمل نفسه كثيرا، وحينئذٍ يتعلق الباء من قوله بمنقطع الطرفاء بقوله مكانه، ولكن قوله " واتقوا بابن أزنما " يأبى إلا القول الأول.
ولو أن رمحي لم يخني انكساره ... جعلت له صالحي القوم توءما
نسبة الخيانة إلى الرمح لما انكسر كنسبة العجز إلى الحبل إذا لم يصل، من قولهم حبلٌ عاجزٌ. والتوءم، زنته فوعلٌ، واشتقاقه من الوأم، والتاء فيه مبدلةٌ من الواو، وكأن الولد واءم في الإتيان غيره، أي وافق. وكما توسعوا فيه ها هنا فأخرج إلى باب غير باب الولد والولادة، توسع فيه في قوله: