للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واللقيطة. وشببها بها لزيادة خلقتها وحسن بنيتها. ألا ترى أنه قال: (نمتها غيولها) . والغيول: جمع الغيل، وهو الماء الذي يجري بين الأشجار. وقال الدريدي: الغيل: الماء الذي بين الحجارة في بطن واد. والغيل، بكسر الغين: الماء يجري بين الأشجار، وربما سموا الشجر الملتف غيلاً. ويشبه هذا قول الآخر:

بردية سبق النعيم بها ... أقرانها وغلابها عظم

وفي طريقته قول الآخر:

لم تلتفت للداتها ... ومضت على غلوائها

وإنما يكون ذلك من نتائج الترفه، ولوائح النعمة. وقد ظهر معنى البيتين بما ذكرته، لأنه تبجح بتعاطيه الصبا واللهو، وشرب الخمر مدة الصبا وأيام الشباب.

ومخملة باللحم من دون ثوبها ... تطول القصار زالطوال تطولها

كأن دمقسا أو فروع غمامة ... على متنها حيث ستقر جديلها

قوله (زمخملة) من جملة صفاتها وإن عطفتها بالواو، فعلى هذا لك أن تقول: مررت برجل فاضل عاقل أديب، وأن تقول: برجل فاضل وعاقل وأديب. ومعنى (ومخملة) أن أعضاءها تساوت في ركوب اللحم إياها، وظهور السمن والبدن عليها، فكأن اللحم جعل خملاً لها. وفائدة (من دون ثوبها) أنها ملء درعها، فهي سمينة المعري. وإلى هذا أشار الأعشى في قوله:

صفر الوشاح وملء الدرع بهكنة

وقوله (تطول القصار) يريد أنها ربعة، فإذا حصلت في القصار طالتهن، وإذا حصلت في الطوال طلنها يشير إلى التوسط الذي هو المختار في كل عقل،

<<  <   >  >>