وكرم أخلاقهم، لا كبر فيهم، ولا ترفع نعهم، ثم ترى حشمهم يسالمهم في الحضر رزان سادة يخدمهم من يغشاهم، وفي السفر خفاف لطاف يكرمون الصابة والمرافقة، ويخدمون الغاشية والمجاورة، ويتحملون في أحوالهم المؤن المجحفة، وفي أموالهم النوب المثقلة. والحشم: خدم الرجل ومن يحتشم له، أي يغضب عند النازلة، ويدافع دونه لطروق الكائنة. وقوله ينتابهن، يروى: يأتابهن يفتعل من الإياب.
بل ليت شعري متى أغدوا تعارضني ... جرداء سابحة أو سامح قدم
نحو الأميلح من سمنان مبتكراً ... بفتية فيهم المرار والحكم
ليست عليهم إذا يغدون أردية ... إلا جياد قسى النبع واللجم
بل: حرف يدخل للإضراب عن الأول والإثبات للثاني، كأنه لما صرف الكلام عما كان فيه وشغله بغيره أتى ببل، إيذاناً بذلك. فيقول: ليت علمي واقع بما يقتضي هذا السؤال، وهو متى ابتكر من سمنان نحو الأميلح - وهما موضعان - وتعارضني في السير حجر قصيرة الشعر، تسبح في عدوها، أو ذكر سابق يسبق أصحابه ويتقدمها من حيث جرى، ومعي فتيان فيهم هذان المذكوران، ثم وصف الفتيان بأنهم لا يهمهم إلا الفروسية وركوب الخيل، وإعداد آلات الحرب، والصيد والطرد. وقوله إلا جياد رفعة والوجه الجيد النصب، لأنه منقطع مما قبله، لكن بني تميم يرفعون مثل هذا على البدل. وهذا يشبه بدل الغلط، لهذا ضعف في الإعراب.
والبيت يشبه قول لبيد:
فرط وشاحي إذ غدوت لجامها
وانتصب مبتكراً على الحال. وقسى مقلوب، وأصله قووس، ويروى: قياس النبع. والمرار قيل هو أخوه. والحكم: ابن عمه، كذا ذكره الأصمعي.
من غير عدم ولكن من تبذلهم ... للصيد حين يصيخ القانص اللحم