للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

استعمالها. ومثل تفتيت: تشجعت وتكيست. وقوله " كجيب الدفنس " شبه اتساع الطعنة وسرعة خروج الدم منها باتساع جيب المرأة الحمقاء، ونزوها في روعها، واضطرابها في متخرق قميصها. والدفنس: الحمقاء. والورهاء: المتساقطة العقل، الضعيفة التماسك، ومعنى ريعت أفزعت بعد استعجالٍ في العدو، وإسراعٍ في السعي. وخص جيب الورهاء لأن عادة مثلها أن تخرج اليد منه، فيتسع خرقه وجعلها مروعةً لتندفع في الإجفال وتنزو. والإجفال والجفل واحدٌ، وكل هاربٍ من شيءٍ مسرعٍ مجفلٌ وجافلٌ. ومنه جاء جفالةٌ من الناس، أي جماعةٌ كثيرةٌ مسرعةٌ. ويشبه هذا قول الآخر:

مستنةٍ سنن الفلو مرشةٍ ... تنفي التراب بقاحزٍ معرورف

لأن نزو الدم من الطعنة شبهه هذا بنزو المهر واستنانه، كما شبهه ذلك بعدو المجنونة عن ذعرٍ. وقد سلك آخر هذا المسلك فقال في معنى هذا ولفظه:

كجيب الدفنس الورها ... ء ريعت وهي تستفلي

ومعنى تستفلي تطلب فلي شعرها، وقد أخرجت يدها من جيبها فذعرت في تلك الحالة، فلم تصبر لترد اليد إلى جوفها، ولم ترفق بجيبها فمزقته ووسعته. وهذا كأنه لما قصد بيان سعة الطعنة جعل التشبيه بالجيب في حالة إخراج الحمقاء يدها منه مستفليةً، فزاد على الأول هذه الزيادة الغامضة المأخذ اللطيفة الموقع، وإن كان قوله " بعد إجفال " قد اختص بما اختص. ويشبه هذا في الزيادة على المعنى وقد استقر قول امرئ القيس:

أن تيس أظبٍ ببطن وادٍ ... يعدو وقد أفرد الغزال

لأنه زاد فيه إفراد الغزال، فدل على شدة الخوف وخفة العدو. فأما قول أوسٍ: وفي صدره مثل جيب الفتا - ة تفهق جيناً وحيناً تهر

<<  <   >  >>