قوله تناذروا، أي أنذر بعضهم بعضاً، وموضعه من الإعراب نصب على أن يكون مفعولاً ثالثاً لنبئت. والذناب وصرخد: موضعان. والمعنى أن السفر والسابلة والمارة قد عرفوا عقيلا بالغدر والخيانة، والطمع في مال الضيف والجار والحليف، فإذا نزلوا هذين الموضعين وهما مما يقارب محل عقيل ومأواه، حذر بعضهم بعضاً، وتواصلوا بالاحترا منه، ثم قال: هو فتى يملأ بطنه من خالص المحض، فالمحض شعار بطنه، يليه ويشحنه ويلتبس به، ويعد لقرى ضيفه سيفاً قاطعاً. والأصل في الشعار ما يلي الجسد من الثياب، ثم توسع فيه فقيل: أشعر قلبي هما أي أبطنه. وحكى بعضهم: هندت السيف: شحذته وأحدودته. والمشهور نسبته إلى هند.
وقد استعمل القرى على هذا غيره فقال، وهو أبو وجزة:
وذاك القرى لا قرى قوم رأيتهم ... يقرون ضيفهم الملوية الجددا
يعني السياط.
وقال آخر:
أناخ اللؤم وسط بني رياح ... مطيته فأقسم لا يريم
كذلك كل ذي سفر إذا ما ... تناهى عند غايته مقيم
يقال: أنخت البعير فبرك، ولا يقال فناخ. وهذا من باب ما استغنى به من غيره، ومعنى لا يريم لا يبرح. وقوله كذلك في موضع الحال، لأن كل ذي سفر مبتدأ، ومقيم خبره، قال، وكل مسافر إذا ما انتهى إلى غايته يلقي عصاه، ويحط رحله. كذلك، أي مثل إقامة اللؤم فيهم.