لحاهم ماجسروا على المنع، ولا على التمانع، ولا كان يتعقب ورودها إنكار ولا وبال.
وقال آخر:
إن تبغضوني فقد أسخنت أعينكم ... وقد أتيت حراماً ما تظنونا
وقد ضممت إلى الأحشاء جارية ... عذباً مقبلها مما تصونونا
يقول: لا ملام عليكم في بغضائكم لي، فقد نلت منكم ما استحققت به ذاك. وانتصب حراماً على الحال من أتيت، وما تظنونا في موضع المفعول، والضمير العائد من الصلة محذوف. وقوله مما تصونانا ولم يقل ممن، لأن القصد إلى الجنس وما للصفات والأجناس ولما دون الناطقين. فأما قوله تظنون فيجوز أن يكون من غالب الظن، ويجوز أن يكون من اليقين.
وقال آخر:
يا قبح الله أقواماً إذا ذكروا ... بني عميرة رهط اللؤم والعار
قوم إذا خرجوا من سوءة ولجوا ... في سوءة لم يجنوها بأستار
المنادى في قوله يا قبح الله محذوف، كأنه قال: يا قوم، أو يا ناس قبح الله أقواماً، أي أبعدهم الله. وبني عميرة انتصب على البدل من أقواماً، والمعنى في قوله إذا ذكروا أي وقت ذكروا فأبعدهم الله. ورهط اللؤم انتصب على الذم والاختصاص، والعامل فيه فعل مضمر، كأنه قال: أذكر رهط اللؤم. وقوله قوم ارتفع على أنه خبر المبتدأ، أي هم قوم إذا خرجوا من سوءة ومخزية، أي من اكتسابهما وفعلهما، دخلوا في مثلها أو أسوأ منها وأخرى لا يتسترون فيها ولا يستحيون منها.