للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عنده ما يقال، وأنهم إن لم يقيموا المعذرة والدلالة على براءة الساحة حينئذ عاقبهم. وهذا المعنى في نهاية الحسن.

وقل لهم بادروا بالعذر والتمسوا ... قولاً يبرئكم إني أنا الموت

مفعول بادروا محذوف، كأنه قال: بادروا العقاب بالعذر، أي سابقوه. يقول: قل لهم: سارعوا بالعذر فيما ركبتموه واطلبوا قولاً يبرئ ساحتكم، إني أنا حتفكم إن لم تفعلوا، أي أقرب حينكم، وأسعى في هلاككم إن لم تفعلوا. ويقال: لمس والتمس في معنى طلب. على ذلك قول الله تعالى حاكياً عن مسترقة السمع: " وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرساً شديداً "، أي طلبناها. وقال الشاعر:

ألام على تبكيه ... وألمسه فلا أجده

ويبرئكم في موضع الصفة للقول، أي قولاً مبرئاً لكم من الذنب.

إن تذنبوا ثم يأتيني يقينكم ... فما علي بذنبٍ عندكم فوت

قوله بذنبٍ أي بسبب ذنبٍ، وقد حذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه، كأنه قال بجزاء ذنبٍ، ويقال: لا فوت عليك في كذا، كما يقال لا بأس عليك. والمعنى: لا يفوتك. وفي هذا الكلام إيذانٌ بأنه مستعملٌ الأناة والحلم معهم، ثقةً بأنهم لا يفوتونه. يقول: إن تجرموا ثم يصح عندي تعمدكم في إجرامكم وتيقنكم ما يلحقكم من لائمةٍ وعيبٍ وأنكم أقدمتم مستهينين، وبمن يأخذكم نكيره غير حافلين، فما يفوتني مكافأتكم، ولا يعييني مؤاخذتكم ومحاسبتكم. وروي: ثم يأتيني يقيتكم وفسر على وجهين: أحدهما أن المعنى ثم تأتيني خياركم وأماثلكم، يقيمون معذرة أنفسهم، ويبينون أنهم لم يساعدوكم لا بالراي ولا بالفعل. وهذا كما يقال: فلانٌ من بقية أهله، أي من أفاضلهم. والآخر أن يكون المعنى: ثم تأتيني بقيتكم الذين لم يذنبوا متنصلين بأنهم قد فارقوكم وأسلموكم، لعظيم جنايتكم، وخلعوا ربقة النصرة والمعاونة لكم.

<<  <   >  >>