للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخل: الطريق في الرمل. ورمع: موضع، وقيل هو جبل باليمن. يقول: أصبنا وفجعنا غداة اجتماعنا لتوديع الفراق، بعظيم نبيه من الكرم والخيم، وهو سعة الخلق.

وقوله ظل لنا واقفاً يعطي يعني الأزرق. أي بقي نهاره واقفاً ونحن محتفون به ومجتمعون حوله، وأكثر ما قلناه في وجهه وخاطبناه به، وقال لنا في جوابه نعم. كأن القوم المعترين اكتفوا بعرض نفوسهم عليه من ذكر حاجاتهم لتمام كرمه، وكمال فطنته، وهو بعدهم الخير ويقرب لهم الإسعاف والبذل، ويقول لكل منهم: نعم، عالماً بما يقترحه، وضامناً لما يطلبه، وماء الوجوه في مواضعها لم تهرق.

ونعم: حرف إيجاب، ويعطي موضعه نصب على الحال.

ثم انتحى غير مذموم وأعيننا ... لما تولى بدمع سافح سجم

تحمله الناقة الأدماء معتجراً ... بالبرد كالبدر جلى ليلة الظلم

وكيف أنساك لا نعماك واحدة ... عندي ولا بالذي أسديت من قدم

يقول: اعتمد، بعد الوقوف لنا والنظر في مآربنا، لوجهته، وهو ممدح بالألسنة، محبب في الصدور والأفئدة، وأعيننا لنوازع نفوسنا لما ولي، سيالة بدموعها. ومعنى سافح: ذو سفح، أي ذو انصباب. والسجم: جمع سجوم. وقوله تحمله الناقة الأدماء متجرأص، يريد ملتفاً. والاعتجار: لف المعجر، وهو العمامة، في الرأس من غير إدارة تحت الحنك. وقيل: بل المعجر ضرب من ثياب اليمن. وشبهها بالبدر في تلالئه ونوره. ألا ترى أنه قال: جل ليلة الظلم. وقوله: وكيف أنساك، يريد أن أياديه عنده تذكره لأنها كثرت وعمت وغمرت فلا يعرج على منفسة إلا كانت منه، ولا يردد نظره في ذخيرة إلا وكان السبب فيها، ولم تأت الليالي والأيام عليها فتقادم عهدها، وحال النسيان دونها، بل هي غضة طرية تنادي على نفوسها، وتلوح الجدة على على صفحاتها، وتحمي من الدروس ذكر موليها. وقوله لا نعماك واحدة في موضع الحال من لا لأنساك. وقد تقدم القول في الإسداء وأصله.

<<  <   >  >>