للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والحشد: مالا تكلف فيه - ذلك ليكون أدنى لانبساطه، وأدعى إلى إقامته. ولو قال بدل الحاشد محتشد أو متحشد لكان لابد من اقتران الكلفة بما يأتون به. وتعلق " على " من قوله " على طعام النازل " بالحاشد، كأنهم يجتمعون على إعداد الطعام له، ويتعاونون في إزالة الوهم في أنه زيد على الحاضر منه، ليكون أهنأ، وعلى المجموع له أخف.

وقوله " والخالطين فقيرهم بغنيهم "، يريد أنهم يسوؤن بين طوائف الأقارب فترى الفقير منهم لايتميز عن الغني ولا ينحط في الإكرام عنه، فينقبض أو يمتعض، ثم يبذلون للأجانب والغرباء فراطهم وورادهم، لايذخرون وقدوراً عليه، ولا يعتلون بما يكون سببا في حرمانهم. والمعنى أن حرمانهم ليس بمقصور على ما يدلي بقربي وقرابة، بل تشترك فيه الكافة.

وقوله " والضاربين الكبش " وصفهم بأنهم يقاتلون الرؤساء متدججين في السلاح، فيضربونهم ضرب المدافع غرائب الإبل عن حياض الآبل. والآبل: صاحب الإبل الكثيرة. وقوله " يبرق بيضه " في موضع الحال. والمجهجه والمهجهج: الزاجر بقوله: هج هج، وجه جه. وقد حذف مفعول قوله ضرب المجهجه.

ويقال: فلان آبل من فلان، أي أحذق برعي الإبل وتثميرها.

والقاتلين لدى الوغى أقرانهم ... إن المنية من وراء الوائل

خزر عيونهم إلى أعدائهم ... يمشون مشي الأسد تحت الوابل

قوله " والقاتلين لدى الوغى أقرانهم "، أصل الوغى هو الجلبة والصوت، ثم كثر استعماله فصار كنايةً عن الحرب، فيريد أنهم يقتلون نظراءهم من الكماة والأبطال في الوغى، ومن أعدائهم في حال من أحوالهم فالمنية من ورائهم، لأنهم يمهلون ولا يهملون، ويطلبون أوتارهم ولا يضيعون.

وقوله " خزر عيونهم إلى أعدائهم "، يريد أنهم يتخازرون إذا نظروا إلى أعدائهم، فعل المتكبر المتوعد، فلا يملؤون أعينهم منهم، ولا يسؤون النظر إليهم، بل يتبين في نظرهم ما تنطوي عليه قلوبهم، وإذا مشوا رأيتهم كالأسد تحت المطر الشديد وهي تبادر إلى مواضعها من العرين.

والقائلين فلا يعاب كلامهم ... يوم المقامة بالقضاء الفاصل

<<  <   >  >>